الغرور هو الإفراط في حب المرء لنفسه، وقد يكون شعورا خادعا بالأهمية الكبيرة، وللغرور تعاريف عدة، فقد عرفه الراغب الأصفهاني بأنه كل ما يغرّ الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان.
وقال الغزالي: سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه الطبع من شبهة وخدعة من الشيطان، والاسلام يرى ان الغرور نوع من أنواع الجهل يقول المولى عز وجل (ولا تصعّر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ـ لقمان: 18).
ومعنى هذه الأية برواية حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس، رضي الله عنهما: لا تتكبر على الناس فتحقر عباد الله وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك.
إن الغرور يا سادة داء عضال، وصفة سيئة فيه دلالة واضحة على نقصان الفطنة وغياب نور العقل والبصيرة، فيخدع المرء بحطام الدنيا وأسباب القوة والجمال، وقد ينسيه الغرور واجباته تجاه خالقة المتكبر المتعال.
ولا شك أن بين الجهل والغرور صلة وطيدة تجعل الإنسان يعطي نفسه فوق قدرها، فيترفع على الناس، ولنا في تاريخنا الإسلامي الكثير من الشواهد ومن ذلك مشركو مكة، فقد عاندوا الحق وتكبروا وطغوا فغرتهم الحياة الدنيا وغرهم بالله الغرور، ولا شك ان هناك فرقا بين الثقة بالنفس والغرور، ولا ثقة إلا ويسبقها الثقة والإيمان بما عند الله تعالى، والواثق بالله أيضا يفعل ما أمره الله به، فعلينا أن نحذر كل الحذر من الغرور والإعجاب بالنفس، يقول منصور الكريزي:
ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعا
فكم تحتها قوم هم منك أرفع
فإن كنت في عز وخير ومنعة
فكم مات أقوام هم منك أمنع
وقد وصف فرعون ذو الأوتاد بأنه ملك الغرور والتكبر الذي قال (وهذه الأنهار تجري من تحتي) فكانت نهايته أن غرق وجنوده في الماء الذي تفاخر به، وغر قارون كثرة أمواله وجره ثراؤه الفاحش إلى الكفر بالله تعالى، فخسف الله به وبأمواله الأرض، وها هو يتجلجل فيها حتى قيام الساعة.