استمرت مفاوضات الهدنة المرتقبة قبل حلول شهر رمضان المبارك في قطاع غزة لليوم الثالث في القاهرة أمس، وسط حديث عن مصاعب تعترضها، فيما واصلت إسرائيل قصفها مختلف مناطق القطاع بلا هوادة وسط مقاومة شرسة من الفصائل الفلسطينية في اليوم الـ 151 من الحرب.
وأكد مصدر مصري رفيع المستوى، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» أمس، «استمرار المباحثات» بين حركة المقاومة الإسلامية حماس والوسطاء الدوليين، مشيرا إلى أن هناك مصاعب تواجه المباحثات، ولكنها مستمرة، فيما رفضت إسرائيل إرسال وفد للتفاوض، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل لم تحصل على قائمة بأسماء الرهائن الأحياء المحتجزين لدى حماس، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
لكن عضو القيادة السياسية لحماس باسم نعيم قال لوكالة فرانس برس من القاهرة إن الحركة «لا تعرف من هو حي.. ومن هو ميت» من الأسرى الموجودين في قطاع غزة.
واتهم نعيم نتنياهو أمس بـ «خلق أسباب لتعطيل مفاوضات القاهرة وإفشالها لأغراض شخصية». وأكد أن «الإدارة الأميركية تملك القرار لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والكرة في ملعبها إن أرادت وقف الحرب وإيقاف تداعياتها في المنطقة قبل حلول شهر رمضان».
وفي السياق نفسه، كشف قيادي بحركة حماس، عن أن مفاوضين من الحركة سيبقون في القاهرة ليوم آخر لإجراء المزيد من المحادثات بناء على طلب الوسطاء.
من جهته، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبدالرحمن آل ثاني خلال لقائه مع وزير الخارجية الأميركي في واشنطن: نحن في وضع غير مسبوق، والفوضى تتوسع وتعم كل مكان في غزة والبحر الأحمر وسورية. وتابع: نود أن يتم تحرير كل الرهائن في قطاع غزة وإيصال المساعدات للمدنيين.
بدوره، دعا وزير الخارجية الأميركي حركة المقاومة الإسلامية حماس، إلى القبول بـ «وقف إطلاق نار فوري» مع إسرائيل.
وأكد بلينكن خلال اللقاء «لدينا فرصة لحصول وقف فوري لإطلاق النار يمكن رهائن من العودة إلى ديارهم ولزيادة كبيرة في كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى الفلسطينيين الذين هم بأمس الحاجة إليها، وبعد ذلك وضع الشروط الآيلة إلى حل دائم»، مضيفا: «على حماس اتخاذ القرارات حول ما إذا كانت مستعدة للانخراط في وقف إطلاق النار هذا».
ونقلت قناة «الجزيرة» عن مصدر مطلع في حماس أكد أن الحركة متمسكة بوقف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود، من أجل استمرار مشاركة الحركة في المفاوضات بشأن تبادل الأسرى. وقال المصدر إن الحركة تدرس تعليق مشاركتها في المفاوضات كأحد الخيارات للرد على مواصلة العدوان وسياسة تجويع المواطنين في قطاع غزة.
ويسعى الوسطاء القطريون والمصريون والأميركيون إلى انتزاع تنازلات من الجانبين بهدف التوصل إلى اتفاق هدنة يشمل إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين في غزة وأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية وإدخال مزيد من المساعدات إلى القطاع الذي يعاني سكانه من الجوع ومن نقص فادح في المواد الغذائية.
وبينما يهدد الجيش الإسرائيلي منذ أسابيع بشن عملية برية في رفح التي أصبحت الملاذ الأخير لنحو 1.5 مليون فلسطيني نزحوا من مناطق أخرى إلى جنوب القطاع المحاصر، استعرت المعارك العنيفة في وسط مدينة خان يونس الجنوبية وفي محيط مدينة حمد السكنية وفي تل الهوى والزيتون في الشمال، وفق ما أفاد شهود.
وأعلن المكتب الحكومي التابع لحركة حماس أن الجيش الإسرائيلي استهدف «بعشرات الغارات منازل» في مناطق مختلفة من القطاع، ما «أسفر عن سقوط عشرات الشهداء، وتدمير أكثر من 100 منزل ومبنى في خان يونس ومناطق أخرى في قطاع غزة».
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس أمس ارتفاع حصيلة القتلى في القطاع «إلى 30631 شهيد و72043 إصابة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر لليوم الـ 151 على قطاع غزة».
وقال عبدالله العمور (24 عاما) الذي يقول إنه نجا من غارة خلفت 16 قتيلا بينهم طفل حديث الولادة في خان يونس، إن الجيش الإسرائيلي قصف منزلا «مكونا من طابقين ودمره بالكامل على ساكنيه من دون سابق إنذار وحوله إلى دمار وغبار». وأضاف أن بين القتلى «عددا من النازحين»، مشيرا إلى مقتل 16 شخصا «منهم 3 أطفال بينهم رضيع».
وحذرت الأمم المتحدة من أن المجاعة تهدد 2.2 مليون شخص من أصل 2.4 مليون هو عدد سكان القطاع، بمجاعة «شبه حتمية»، بينما لا تدخل المساعدات إلا بشكل ضئيل جدا مقارنة بالاحتياجات الهائلة.
وأعربت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس عن «قلق بالغ» إزاء الوضع الذي يواجهه المدنيون في غزة، خلال محادثات أجرتها أمس الأول في البيت الأبيض مع عضو حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس، الخصم الرئيسي لنتنياهو.
ودعت حماس «إلى القبول بالشروط المطروحة على الطاولة لإطلاق سراح الرهائن والتي من شأنها أن تؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 6 أسابيع وتسمح بزيادة المساعدات الإنسانية».
من جهة أخرى، تفاقم الخلاف بين إسرائيل ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» حول توظيف مئات من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في الوكالة و«تعذيب» إسرائيل لموظفي الـ «اونروا» أثناء اعتقالهم.
واتهمت الأونروا إسرائيل بـ «تعذيب» عدد من موظفيها الذين اعتقلتهم على خلفية الحرب في غزة.
وقالت الوكالة في بيان وفق «فرانس برس» أمس الأول إن «موظفينا تحدثوا عن أحداث مروعة أثناء اعتقالهم واستجوابهم من قبل السلطات الإسرائيلية. هذه التقارير تتضمن التعذيب، سوء المعاملة الحاد، الاعتداء والاستغلال الجنسي».
وأضافت ان «عددا من موظفينا أبلغوا فرق الأونروا أنهم أرغموا على الإدلاء باعترافات تحت التعذيب وسوء المعاملة».
في المقابل، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في بيان إن «المعلومات الاستخبارية تؤكد أن أكثر من 450 موظفا في حماس والجهاد الإسلامي يعملون أيضا موظفين لدى الأونروا».
في غضون ذلك، نقل موقع «والا» عن مصلحة الضرائب الإسرائيلية قولها إن خسائر إسرائيل الاقتصادية بسبب الحرب على قطاع غزة أكبر بـ 6 أضعاف منها في حرب 2006 مع لبنان.