تسعى المفوضية الأوروبية الى تعزيز القدرات الدفاعية في القارة باقتراح تمويل جزء من مشتريات الأسلحة التي قررتها الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد كما حدث بالنسبة للذخيرة، وذلك في مواجهة التهديد المتنامي بعد عامين من الحرب الروسية الأوكرانية.
وكشف مسؤولون في الاتحاد الأوروبي عن اقتراح طموح لتعزيز إنتاج وامتلاك الأسلحة بشكل كبير في الاتحاد، لتقليل الاعتماد على الأسلحة الأميركية.
وقالت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية ماغريتي فيستاغر «نحن بحاجة إلى تحقيق التوازن الصحيح بين ضفتي الأطلسي، بغض النظر عن الديناميكيات الانتخابية في الولايات المتحدة»، مضيفة «يجب أن نتحمل المزيد من المسؤولية عن أمننا، بينما نبقى بالطبع ملتزمين بالكامل بحلفنا في الناتو». وقالت إن «تحسين القدرة على التحرك سيجعلنا حليفا أقوى».
وكانت رئيسة السلطة التنفيذية الأوروبية أورسولا فون دير لايين قالت الأسبوع الماضي في ستراسبورغ: «قد لا يكون خطر الحرب وشيكا لكنه ليس مستحيلا»، داعية الأوروبيين إلى «الاستيقاظ بشكل عاجل».
وشددت على أنه لهذا السبب من الضروري «إعادة بناء (...) وتحديث القوات المسلحة للدول الـ 27»، بعد عقود من خفض ميزانياتها مع انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية تسعينيات القرن العشرين.
لكن الحرب في أوكرانيا أجبرت المفوضية على البحث عن وسائل جديدة بينما تبدو استراتيجية الدفاع الأوروبية التي قدمها المفوض الأوروبي تييري بريتون أمس مستوحاة من بعض الآليات التي تم وضعها بشكل عاجل، بما في ذلك برنامج شراء الذخيرة في أسرع وقت ممكن.
وسيسمح هذا البرنامج، حسب تييري بريتون، بزيادة الطاقة الإنتاجية الأوروبية السنوية لتبلغ مليوني قذيفة في 2025، مقارنة بأقل من ربع هذا العدد قبل الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير 2022.
وقال الوزير الفرنسي السابق: «نفعل ذلك لذخيرة المدفعية، وعلينا أن نفعل ذلك الآن لجميع المعدات اللازمة لأمننا».
لذلك تقترح المفوضية الأوروبية تشجيع عمليات الشراء المشتركة لأسلحة منتجة في الاتحاد الأوروبي. فمنذ الحرب الروسية - الأوكرانية، جاء نحو سبعين بالمئة من الأسلحة التي اشتراها الأوروبيون لمساعدة كييف، من الولايات المتحدة، كما صرح مسؤول أوروبي طالبا عدم كشف هويته.
والهدف هو التعويض عن التأخير وجعل الصناعة الأوروبية قادرة على منافسة خصمها الأميركي في هذا المجال. لذلك، ستقدم المفوضية للدول الـ 27 «آلية أوروبية» لمبيعات الأسلحة قريبة من النموذج الأميركي.
وهي تقترح وضع «كاتالوغ واحد» بعدما تبين أن الدول الأعضاء لا تعرف عمليا من يفعل ماذا في أوروبا الدفاعية، على حد قول المسؤول الأوروبي نفسه.
والمشكلة الأخرى هي أن الولايات المتحدة لديها احتياطي من الأسلحة الاستراتيجية يسمح لها بتلبية أي طلب عاجل. بعبارة أوضح، ينتج الأميركيون ما يزيد قليلا عما ينص عليه عقد الأسلحة من أجل بناء هذا المخزون الذي يمكن تعبئته بسرعة كبيرة إذا لزم الأمر ومن دون استدراج عروض.
والفكرة هي أن يفعل الأوروبيون الأمر نفسه على الأمد الطويل، من خلال تجمعات من 5 أو 6 أعضاء لبناء احتياطي من معدات محددة، من أجل جعل المنتجين الأوروبيين قادرين على الاستجابة مثل منافسيهم الأميركيين.
وأوضح المسؤول الأوروبي نفسه أنه بعد ذلك، يجب علينا تأمين رؤية للمنتجين الأوروبيين عبر تعزيز الطلبيات الثابتة على الأمد الطويل.
وأضاف أن الفكرة ستكون تكرارا لما جرى خلال أزمة كوفيد في مجال اللقاحات، أي وضع عقد إطاري تقدم بموجبه المفوضية الأموال، ما يسمح للدول الأعضاء بإعادة إطلاق صناعتها من أجل تنفيذ بنود هذا العقد.
على الأمد الطويل، تريد المفوضية أيضا المشاركة في إطلاق مشاريع دفاعية أوروبية كبرى في مجالات مثل الإنترنت والفضاء وحماية أعماق البحار بعد تخريب خطوط أنابيب الغاز في بحر البلطيق في سبتمبر 2022.
وحذر تييري بريتون من أن هذه المجموعة من «القرارات الجريئة» كما وصفتها فون دير لايين، ستتطلب «طموحا كافيا للميزانية»، وقدر ذلك بنحو 100 مليار يورو.
وتقترح بعض الدول الأعضاء بينها فرنسا إطلاق قرض أوروبي بالطريقة نفسها التي اتبعت في مواجهة تهديد كوفيد. لكن بالنسبة لدول أخرى مثل ألمانيا، هذا الأمر ليس ضروريا على الإطلاق.
وللتغلب على هذا المأزق، تقترح فون دير لايين استخدام الأرباح الاستثنائية من الأصول الروسية المجمدة في أوروبا، وهو مبلغ يمكن أن يصل إلى خمسين مليار يورو، حسب المبعوث اليوناني الخاص لأوكرانيا سبيروس لامبريديس.