جميل هو تاريخ الكويت، فبه من الأحداث المهمة الشيء الكثير، ولقد مرت الكويت في تاريخها بكوارث ونوازل لم تزدها سوى تلاحم ووحدة بين أبنائها وولاة أمورهم، ومن ذلك معارك كثيرة وأوبئة فتاكة، ومن ذلك سريان مرض الطاعون في أرجاء الكويت وقضى على آلاف سكانها عام 1831 في عهد ثالث أمراء الكويت جابر الأول بن عبدالله الأول المعروف بـ«جابر العيش»، ثم جاءت سنة «الهيلق» وهي مجاعة شديدة حلت في الكويت سنة 1868 واستمرت حتى عام 1871 في عهد عبدالله الثاني بن صباح، و«الهيلق» كلمة أصلها الهلاك والهلك، وأول من أرخ لهذه الحادثة المشهورة مؤرخ الكويت الأول الشيخ عبدالعزيز الرشيد، حيث قال: هي مجاعة شديدة أصابت الكويتيين اضطرتهم لأكل دماء البهائم، وكان لرجلين من أفاضل أهل الكويت وأثريائهم يد بيضاء في تلك الأزمة الشديدة، هما يوسف البدر ويوسف الصبيح، فكان يوسف البدر يفرج كربة المعوزين والمحتاجين بما يبذله لهم من المال.
أما يوسف الصبيح فاتخذ له بيتين، الأول في الكويت والثاني في الزبير يؤوي إليهما الفقراء، كما كان يقوم في كليهما بما يحتاج اليه الأحياء منهم من طعام وكسوة، وبتجهيز من يتوفى منهم، وفي هذين الرجلين الفاضلين يقول الشاعر عبدالغفار الأخرس:
إن الكويت حماها الله قد بلغت
باليوسفين مكان السبعة الشهب
تالله ما سمعت أذني ولا بصرت
عيني بعزهما في سائر العرب
فيوسف بن صبيح طيب عنصره
أذكى من المسك أن يعبق وإن يطب
ويوسف البدر في سعد وفي شرف
بدر الأماجد لم يغرب ولم يغب
فخر الأكارم والأمجاد قاطبة
وآفة الفضة البيضاء والذهب
وللأمانة التاريخية، فقد كان هناك أيضا دور كبير لعبداللطيف العتيقي وأسرة الإبراهيم وسالم بن سلطان وأسرة معرفي، وأسر كويتية ثرية أخرى لا مجال لحصرها، وأعود ليوسف عبدالرزاق الصبيح فأقول إنه مولود عام 1800 وكان أشهر تاجر خيل في المنطقة ويمتلك العديد من السفن، وتوفي عام 1875، أما يوسف عبدالمحسن البدر فهو مولود سنة 1802، وهو من مشاهير تجار الخيل أيضا الأثرياء وتوفي عام 1880، رحمهما الله.. ودمتم سالمين.