من الأمور التي تثير الغضب أن يخرج من يدعي التدين والالتزام ويحرّف الأدلة حسب هواه، وقد خرج عدد من الناس، ومنهم للأسف يظهرون بأنهم ملتزمون، يغذون العنصرية ويفرقون بين المسلمين، وجعلوا الناس طبقات، وهم بذلك يخالفون النهج النبوي في الدعوة إلى المساواة بين الناس، بل الأخطر من ذلك أن قام بعض هؤلاء بدور أعداء الإسلام والمنافقين، حيث تذكر السنة النبوية الشريفة عندما قام اليهودي الحاقد على الإسلام شاس بن قيس بالتحريش بين الأنصار، وتذكيرهم بما كان بينهم قبل الإسلام من الحروب مثل يوم «بعاث»، وكاد الصحابة، رضي الله عنهم، أن يقتتلوا، وفعلا اتفقوا على الذهاب للقتال في «الحرة»، وهو مكان بالمدينة، ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم، جاء على عجل وجمعهم قائلا: «يا معشر المسلمين، الله، الله.. أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألّف به بينكم، ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا؟».
وهنا أدرك المسلمون خطأهم، واستعاذوا بالله تعالى من الشيطان الذي حرش بينهم.
ولذلك، فلنعلم أن تغذية دعوات العنصرية بين أبناء الأمة بمثابة تقديم طبق من ذهب لأعدائهم، فعلى هؤلاء أن يتقوا الله تعالى في مجتمعاتنا، فالمسلم أخو المسلم، ولا فرق بين الناس إلا لقربهم من الله تعالى، والعطاء لخدمة الإسلام، ولكن أن يقوم البعض بتقسيم الناس والتمييز بينهم على أسس غير سليمة وبناء على العنصرية فهذا أمر مستغرب وبعيد عن الدين الحنيف ودعوته إلى التسامح والتآلف بين المسلمين عموما، وعملا بقوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم ـ الحجرات: 13).
ألم يكن سلمان رضي الله عنه وافدا من بلاد فارس، وقال النبي صلى الله عليه وسلم عنه «سلمان منا أهل البيت»؟
إن الشواهد على المساواة في ديننا كثيرة جدا، ولكن النفوس المريضة ليس لها إلا العلاج أو القوانين الرادعة، ولا يمكن بناء بلد مع وجود النفس العنصري الذي يؤثر سلبا على التعاون بين الناس في واجباتهم وأمور حياتهم، وليعلم هؤلاء أن أبا لهب كان عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يشفع له، لأنه لم يؤمن بالإسلام، وأُنزل فيه وامرأته قرآن يتلى إلى يوم القيامة: (تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد) سورة المسد.
اتقوا الله، ولا تخدموا الأعداء من حيث لا تعلمون.
نكشة: «كلكم من آدم وآدم من تراب».