يقول مصطفى صادق الرافعي، رحمه الله: «فما أسعدنا أن نكون لغيرنا فائدة وحياة، وإذا كان الفناء سعادة نعطيها من أنفسنا، فهذا الفناء سعادة نأخذها لأنفسنا..»، كلام عميق من رجل وداعية معطاء يحث على العطاء فيحقق شعورا عظيما بالنفس.
نعم أشعر بهذه المقولة بعملنا التطوعي، ففي فرنسا صادف وجودي برغبة إحدى الفرنسيات الدخول بالإسلام فلقنتها الشهادة وأسلمت فرأيت دموعها وفرحها بإسلامها وغرست في نفسي سعادة لا توصف بدخولها للإسلام، فقد قال ﷺ: «فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» (متفق عليه).
إن «الإسلام ذوق، والإسلام لطائف، والإسلام أحاسيس ومشاعر، هذا الدين يتعامل مع النفس البشرية، يتعامل مع القلوب والأرواح.. هذا الدين لم يبدأ باستعمال العضلات، ولا خـــشونة الكــلمات، ولا بالتـــصدي والتحدي، ولكن بالكلمة الطيبة، والنظرة الحانية، قال تعالى: (وقولوا للناس حسنا ـ البقرة: 83)».
وما أجمل قول الشاعر حين قال:
ﻻ تقطعن عادة اﻹحسان عن أحد
ما دمت تقدر واﻷيام تارات
واذكر فضيلة صنع الله إذ جعلت
إليك ﻻ لك عند الناس حاجات
ولذلك كان نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم يوصف وإنك لعلى خلق عظيم.
وقد قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم «إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا، ولكن بعثني معلما ميسرا».
وقال ﷺ «إنما بعثت معلما مبشرا رحمة مهداة».
فلنحمل في أنفسنا حب الخير للغير ولنتعامل بالحب والوفاء، فالناس للناس، وكما يقول الشيخ الطنطاوي، رحمه الله:
«إذا شئتم أن تذوقوا أجمل لذائذ الدنيا، فجودوا بالحب وبالعواطف الصادقة كما تجودون بالمال».
وختاما نختم بأبيات جميلة للإمام الشافعي:
الناس للناس ما دام الوفاء بهم
والعسر واليسر أوقات وساعات
وأكرم الناس ما بين الورى رجل
تقضى على يده للناس حاجات
لا تقطعن يد المعروف عن أحد
ما دمت تقدر والأيام تارات
واذكر فضيلة صنع الله إذ جعلت
إليك لا لك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
فاللــهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للــــشر حتى نلقى الله تعالى.