سواء أحببتها، أو كرهتها، أو احتفظت بها، لا أحد ينكر أن «بتكوين» قد عادت، فبعد «شتاء العملات المشفرة» الذي شهد سلسلة من الفضائح وحالات الإفلاس وانخفاض الأسعار 77% تقريبا، وصل سعر «بتكوين» أخيرا إلى ذروة جديدة مسجلا 69.19 ألف دولار، وقفز ليتخطى مستوى 70 ألف دولار لفترة وجيزة للمرة الأولى، وعزز هذا الارتفاع العملات المشفرة الأخرى، مع زيادة قيمة «إيثريوم» وحتى «دوج كوين».
ويوصف هذا الارتفاع بأنه ثقة للمؤيدين الحقيقيين للعملات المشفرة، الذين يستخدمون مصطلح «hodl»، وهو الخطأ الإملائي لكلمة «الاحتفاظ» (hold)، كشعار أثناء فترات الركود لتذكير أنفسهم بآفاق العملات الرقمية على المدى الطويل، ولكن بالنسبة إلى عشاق العملات المشفرة، والذين ربما تجاهلوا قمم وقيعان أسعارها سابقا، فإن السؤال هو ما إذا كانت الآن هي اللحظة المناسبة للاستثمار.
وهذه ليست المرة الأولى التي انتعش فيها سعر «بتكوين». فبعد أن سجل سعرها أدنى مستوياته في عام 2019، صعد بقوة في العام الأول لجائحة «كوفيد-19»، قبل أن ينخفض مجددا في ربيع 2021. وتعافى في وقت لاحق من ذلك العام، لكن السعر انخفض في 2022 في أعقاب الانهيار المشين لبورصة «إف تي إكس» (FTX).
وجزء كبير من القفزة الأخيرة في سعر «بتكوين» حدث منذ العاشر من يناير الماضي، عندما وافقت لجنة الأوراق المالية والبورصات على إطلاق الصناديق المتداولة في البورصة، مما سمح للشركات الشهيرة مثل «بلاك روك»، و«إنفيسكو» و«فيديليتي» بعرض الصناديق على العملاء. يتبع بعض الاستشاريين نبرة أكثر تفاؤلا بعض الشيء، إذ يدرس المستثمرون الأفراد ما إذا كان الوقت حان لإضافة العملة المشفرة إلى محافظهم الاستثمارية.
ومن جهته، يرى دوغلاس بونيبارث، رئيس شركة «بون فايد ويلث» في نيويورك، تزايد الثقة في السوق نتيجة مشاركة المؤسسات في صناديق الاستثمار المتداولة الفورية، والتي تستهدف تتبع سعر «بتكوين»، ولكنها لا تتطلب من المستثمرين الأفراد حيازة الرمز المميز بأنفسهم.
واستقطبت صناديق الاستثمار المتداولة مجتمعة صافي تدفقات تجاوزت 9 مليارات دولار منذ إطلاقها. وعلى الرغم من أن بونيبارث، وهو مخطط مالي معتمد، لا يوصي العملاء بتكديس محافظهم الاستثمارية بالكامل بالأصول الرقمية، إلا أنه يبدي ارتياحه لتخصيص 5%، أو ربما حتى 10%.
ونظرا للمخاطر التي تنطوي عليها العملات المشفرة وتقلباتها، سارع العديد من المستشارين الماليين الرئيسيين ومديري المحافظ والباحثين في مجال الاستثمار إلى رفضها. ويبدو أن رد الفعل هذا آخذ في التغير، نوعا ما على الأقل.
وعلى الرغم من أن الكثيرين لا يعتقدون أن العملاء يجب أن يتبعوا بشكل غير مدروس استراتيجية «الأيدي الماسية» (أي السياسة الاستثمارية التي تنطوي على درجة عالية من المخاطرة)، فقد رأى مديرو الأموال الآن أن الجميع بدءا من المستثمرين الأفراد إلى متداولي وول ستريت المتطورين يكسبون الملايين من «بتكوين».
وقال بيتر ملادينا، المدير التنفيذي لأبحاث المحافظ في شركة «نورثرن ترست أسيت مانجمنت»: «المستثمرون يتداولون في سوق تنافسية، وقاموا باختيارها (بتكوين) للحفاظ على القيمة لسبب أو لآخر، لذلك، علينا احترام ذلك».
ولا تشكل «بتكوين» جزءا من المحفظة التي توصي بها «نورثرن ترست»، ويعارض ملادينا بعض الاعتقادات الشائعة حول العملة المشفرة. فهو يرى أنها لا تفي تماما بالمعايير التي تجعل شيئا ما عملة، كما أن تقلبها يجعلها مخزنا سيئا للقيمة. ولا يوصي بتخصيص كمية كبيرة من المحفظة لـ«بتكوين»، لكنه أضاف أنه «ربما بالنسبة إلى بعض الأشخاص قد يوجهون قدرا محدودا لها».
ومن جانبه، قال جوزيف بوغان، وهو مخطط مالي في شركة «باركماونت فايننشال بارتنرز» في شيتوات، بولاية ماساتشوستس، إنه عادة ما يسمح بأن تشكل «بتكوين» ما يصل إلى 5% من محافظ عملائه. وهو يشعر بالقلق إزاء زيادة «المخاوف من تفويت الفرصة» (FOMO) في السوق اليوم، والتي يمكن أن تدفع المستثمرين إلى الشراء لمجرد أن الأسعار مرتفعة، وليس كجزء من استراتيجية مخططة.