بيروت - منصور شعبان - خلدون قواص
على الرغم من كل المحاولات الإقليمية والدولية لاحتواء التصعيد الحربي على جبهة جنوب لبنان، لم تتمكن المساعي من تحقيق هدنة تسمح للبنانيين في التفكير بهدوء أكثر في كيفية إنهاء أزمة الشغور الرئاسي الآخذة في التعقيد، فالتوسع في الحرب لا أحد يريده، ومن يريده بحاجة لدعم غير متوافر، وتستمر العمليات القتالية بين إسرائيل و«حزب الله» في الميدان المفتوح، بينما لبنان الرسمي يواكب المجريات والمواقف الداعمة لاستقراره.
وأكد مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان ومفتو المناطق خلال مأدبة الإفطار التي أقامها على شرفهم سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بخاري، أن الحوار اللبناني- اللبناني هو عامل أساسي لاستكمال جهود اللجنة الخماسية لانتخاب رئيس للجمهورية.
وشدد المجتمعون على أن إنجاز انتخاب الرئيس هو استحقاق مهم لاستقرار لبنان، وبشروا بأن هناك مؤشرات إيجابية لانتخاب رئيس إذا حسنت وصدقت النوايا، وان الخير قادم على لبنان مهما اشتدت معاناة اللبنانيين، وثمنوا الجهود والمساعي التي تقوم بها اللجنة الخماسية والجولات التي قامت وتقوم بها على بعض الأطراف السياسية في لبنان للتأكيد على المعايير والمواصفات الوطنية التي ينبغي أن يتمتع بها الرئيس المقبل، وأبدوا تفاؤلهم بأن هناك بشائر إيجابية ستظهر قريبا لناحية حلحلة الأمور والعقد على كافة الأصعدة لتكون منطلقا لتفعيل عمل المؤسسات الرسمية والالتزام بمهام الرئاسات التي نص عليها اتفاق الطائف دون المساس بها.
من جهته، أكد السفير بخاري أن المملكة العربية السعودية لن تتخلى عن مساعدة لبنان وحريصة على لبنان الشعب والمؤسسات الدستورية.
وشدد المفتون على أنه لا وجود لتطرف ديني في لبنان، ولكن هناك تطرفا سياسيا يمارسه البعض وينبغي الفصل بين انتخاب الرئيس والاستشارات الملزمة لتكليف رئيس لتشكيل حكومة فاعلة ومحررة من القيود لتنهض بالدولة ومؤسساتها.
وتطرق المجتمعون إلى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومعاناة الشعب الفلسطيني وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وأكدوا انهم مع الشعب الفلسطيني، منددين بالعدوان الصهيوني على غزة وبقية المناطق الفلسطينية خاصة المسجد الأقصى وما حوله والعدوان على لبنان وجنوبه.
من جهته، قال وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، في مقابلة مع «تلفزيون لبنان» الرسمي: ان الموفد الأميركي اموس هوكشتاين لا يحب التعاطي مع وزارة الخارجية اللبنانية، مضيفا: «نريد حلولا كاملة غير مجتزأة من ضمنها انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، كي يصبح لدينا استقرار حدودي دائم».
وأضاف: «لست مع وحدة الساحات، ولكني أتعامل مع الوضع بواقعية وأستبعد حربا برية ضد لبنان ولكن حرب الاستنزاف ستطول».
وانتقد بوحبيب رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي قائلا انه: «يختزل دور الوزارات كالخارجية والدفاع بشخصه، بالرغم من العلاقة الجيدة على المستوى الشخصي، فهو يتعمد لقاء الموفدين الدوليين بمفرده، وحتى عندما يسافر خارج لبنان، يطلب من السفراء المعتمدين في الدول التي يكون فيها تركه بمفرده بعد أخذ الصورة التذكارية.
رئاسيا، الاتصالات والتحركات تدور بمجملها حول «الخيار» الذي لم ترس عليه الآراء بعد، بشأن الشخصية المؤهلة للجلوس على كرسي «الرئيس» وأبرز الأسماء قيد التداول قائد الجيش العماد جوزف عون، رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية والعميد جورج خوري.
ويدور خلف الكواليس حديث عن استبعاد اسم الوزير السابق جهاد أزعور فيما التساؤلات كثيرة عما إذا كانت لـ «المجموعة الخماسية الإقليمية - الدولية» الكلمة الفصل، ام انها تترك الخيار مفتوحا امام اللبنانيين للتوافق فيما بينهم بالاستناد إلى ما توصلت إليه.
ويبرز في هذا المضمار، تحرك «تكتل الاعتدال الوطني» المؤيد من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان له، أخيرا، كلام «رئاسي» مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، و«الاعتدال»، ما زال ينتظر جواب «حزب الله» على مبادرته لانتخاب رئيس.
وتدخل هنا علاقة «حزب الله» بالأطراف المحلية الأخرى الرافضة لخياراته الرئاسية وفي أسلوب «المقاومة» وما إذا كان سيقبل بتسوية، ويتم التطلع، دوما، إلى دور الرئيس بري بإقناعهم في صوابية مواقف الحزب وطنيا.
يوازي ذلك تاريخ «14 آذار» أمس والذي توقف عنده قادته فأحيوه بالتصريحات، عبر تطبيق «X»، أبرزهم رئيسا «تيار المستقبل» سعد الحريري و«حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، فكتب الحريري: «14 آذار. ثورة شعب وحكاية استقلال. باقية في ضميرنا ووعينا. لن ننسى».
وقال جعجع: «مش بس نهار. مسير ومسار. 14 آذار، ذكرى ثورة الأرز».
بدوره، اعتبر النائب بلال الحشيمي، في حديث إلى إذاعة «صوت كل لبنان»، أن «المبادرات العديدة التي سبق أن طرحت في ملف الاستحقاق الرئاسي قد فشلت، لأنه لا نية، لاسيما لدى محور الممانعة لانتخاب رئيس في الوقت الحالي».
الموقف الميداني كان تحدث عنه الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله أمس الأول، معلقا على بلوغ الغارات الإسرائيلية البقاع بالقول إن الرهان هو على «عض الأصابع»، وأن الأمر يحتاج إلى «بعض الوقت كي يوقف العدو عدوانه وأن يهزم ويعترف بفشله».
وأضاف: «إن خسائر شمال إسرائيل أكثر مما هي خسائر الجنوب في المواجهة الدائرة، والسبب أن الجنوب «مهمل فلا سياحة فيه ولا مصانع ولا مشاريع ضخمة».
وفي تطورات هذا الملف، لم يغادر الطيران الإسرائيلي سماء جنوب لبنان محلقا ومغيرا ومستطلعا، فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط، حتى مشارف مدينة صور، بالإضافة إلى قنابله المضيئة فوق قضائي صور وبنت جبيل. وقد أغارت على حرج كونين وعلى دفعتين ملقيا عددا من الصواريخ على المنطقة المستهدفة، وحلق الطيران الحربي المعادي فوق منطقة جزين وعلى علو متوسط.
وأعلن عن العثور على صاروخ كبير أطلقته طائرة حربية إسرائيلية معادية وسقط في محيط مجمع الإمام الرضا في بلدة ميس الجبل ولم ينفجر.