هي نسيبة بنت كعب المرأة الشجاعة الفدائية التي وقفت بكل صلابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في معركة أحد تدافع عنه وتتصدى للكفار الذين أحاطوا برسول الله يريدون قتله.
وأم عمارة صحابية من الخزرج شاركت في عدد من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وبعض معارك حروب الردة، ولقد أصيبت في معركة أحد بأحد عشر جرحا وقطعت يدها فبعث إليها خالد بن الوليد بطبيب كوى لها القطع بالزيت المغلي، ولقد كان موقفها عظيما عندما ثبتت مع القلة القليلة من المؤمنين وكان ثباتها كثبات الرجال، وأصرت في المضي بقتالها للمرتدين وكان لها هدف وهو قتل «ابن قمئة» الذي قتل مصعب بن عمير الصحابي المجاهد حامل الراية وهو الذي قتل ابنها حبيب الذي ارسله رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل رسالة لمسيلمة الكذاب فقطعها وقتله، وعندما علمت أم عمارة بجريمة مسيلمة عاهدت ربها أن تحارب بجيوش المسلمين حتى تدرك مسيلمة وتقتله، فاحتدم القتال بين المسلمين الصابرين مع جيش المرتدين بقيادة مسيلمة وتمكن جيش المسلمين، وكانت أم عمارة تقاتل مع الجيش، ورغم إلحاق الهزيمة ورغم هروب مسيلمة، إلا أن أم عمارة واصلت قتالها وهي راغبة في ملاحقة مسيلمة حتى تتمكن من قتله والثأر لابنها حبيب.
وبعد أن شاركت أم عمارة في هذه المعركة العظيمة وانتقمت لموت ابنها بعد أن أصيبت باثني عشر جرحا وقطعت يدها عادت إلى المدينة المنورة لتضميد جراحها.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قابل ابنها عبدالله بن زيد بن عاصم: بارك الله عليكم من أهل بيت، مقام أمك خير من مقام فلان وفلان، فقالت أم عمارة: ادع الله أن نرافقك في الجنة.. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة، قالت: ما أبالي ما أصابني من الدنيا..
ولما علم ابو بكر الصديق رضي الله عنه بما أصاب نسيبة بنت كعب من قطع يدها وإصابتها من الجروح، فكان يزورها ويسأل عنها ويطمئن على حالها.
نعم، هكذا يرفع الإسلام أهله وينظم مجتمعه فيذهب خليفة المسلمين وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأل عن امرأة من الانصار ويطمئن عليها، هكذا هو الإسلام وهكذا الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي يضع للمجتمع هذه القيم الخالدة.
قول مأثور: «وقل لمن مست الأوجاع مهجته يأوي إلى الله إن الله يؤويه».
والله الموفق.