بيروت ـ جويل رياشي
يحرص الصحافي الزميل بيار عطاالله (62 سنة) على الاهتمام بالأرض، ويقول «أنا مزارع بالولادة، ورثت حب الأرض والعناية بها من عائلتي». ويقصد بلدته راشيا الفخار في قضاء حاصبيا باستمرار، معولا على موسم الزيتون والعنب، ويلبي طلبات الزملاء والرفاق والاقارب بالحصول على زيت طازج معصور بالطريقة الفضلى «على البارد»، إلى منتوجات زراعية بلدية.
لا يثنيه العمل في الدائرة الاعلامية للجامعة اللبنانية الأميركية عن الاهتمام بالأرض، التي انقطع عنها أثناء أقامته القسرية في فرنسا زهاء 12 سنة، وقد عاد على متن الطائرة التي أقلت العماد ميشال عون من المنفى في مايو 2005.
يعرض لواقع «غير سار» على الصعيد الزراعي في قريته والقرى والبلدات المواجهة «بعد الثامن من أكتوبر، تحولت المنطقة الحدودية الممتدة من جبل الشيخ نزولا إلى الناقورة ساحة حرب. علما انها تؤمن 30% من المحصول الزراعي للسوق اللبناني. وتشتهر بانتاج الزيتون ومنه الزيت، إلى الحبوب كالشعير والقمح والاعلاف، والتبغ وهو المحصول التاريخي لمنطقة جبل عامل. وهذه السنة لا موسم للتبغ، لأن المزارعين لم يتمكنوا من شك بذور التبغ وزراعتها، وخصوصا في بلدات عيتا الشعب وبليدا وميس الجبل. كذلك تضررت مزارع تربية الدواجن في الخيام وحاصبيا وخرجت غالبيتها عن الخدمة. وأذكر هنا ما طالعني أخيرا به أحد بائعي سندويشات الشاورما في شارع الحمرا ببيروت عن ارتفاع سعر السندويش بالقول: يا استاذ ما في فروج بلدي من الجنوب (...)».
ويضيف عطاالله انه تمكن وجيرانه في قريته والبلدات المجاورة من «تحويش» الزيتون خلسة قبل اشتداد المعارك نهاية العام الماضي، والحمد لله تمكنا أيضا من التصريف. الا انه يشكو من عدم القدرة على تحضير موسم العنب الذي يجمع ويحصد في يوليو من كل سنة، «ولم يتمكن الأهالي في سهل مرجعيون وبلدة القليعة من الخروج إلى بساتينهم الاسبوع الماضي على رغم تلقيهم ضمانات من اليونيفيل، ذلك ان الإسرائيليين قصفوا السهول بقذائف مدفعية الهاون وأطلقوا عيارات نارية كثيفة من الرشاشات الثقيلة، فأرهبوا المزارعين الذين عادوا إلى البيوت دون الوصول إلى أراضيهم».
ويشكو الصحافي المزارع من الأضرار التي ستلحق بمزروعات تتطلب عناية مستمرة بالتربة والأشجار المثمرة، «ما يعني العودة إلى الصفر بعد توقف الاعتداءات الإسرائيلية، هذا فضلا عن الخسائر التي أصابت القطاع الزراعي والانتاج الحيواني جراء أضرار القصف المباشر المدمر. وعلى سبيل المثال، سيخسر الموسم منتوجات تشتهر بها منطقة سردة والوزاني وهي زراعات صيفية من عنب ومشمش وفاكهة».
إلا انه يطمئن لصمود المزارعين أبناء الأرض، ويرد على جاره الذي دعاه إلى استراحة قائلا له «ميل اشرب قهوة»، فيقول «شو نسيت اني صايم متلك (عطاالله مسيحي ارثوذكسي) في هذا الشهر الفضيل؟».