نددت الأمم المتحدة ودول عدة بقرار اسرائيل منع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من توزيع المساعدات في غزة، وسط تحذيرات شديدة من خطورة تنفيذ تهديدها باجتياح رفح. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ان إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة يقتضي وقفا فوريا لإطلاق النار، معتبرا أن الحل المستدام للصراع الفلسطيني -الإسرائيلي لا يتحقق إلا بحل الدولتين.
وأعلن غوتيريش، في مؤتمر صحافي عقده في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في عمان، تمسكه بتقوية واستمرار عمل الـ «أونروا» التي «تقوم بعمل استثنائي في خدمة اللاجئين الفلسطينيين».
وأضاف غوتيريش «أنا مصمم على استمرار عمل الأونروا وتعزيز عملها، وعلينا أن نسعى للحفاظ على خدماتها». وقال إن «أونروا تعمل في ظروف صعبة للغاية، والتحقيقات في الاتهامات الموجهة ضدها مستمرة، وآمل أن تؤدي إلى إعادة تمويلها»، وفق وكالة «الأناضول».
واعتبر ان قرار منـــع قوافـــل الـ «أونروا» من الوصول إلى شمالي قطاع غزة غير مقبول على الإطلاق، لا شيء يبرر العقوبة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة.
جاء ذلك بعدما أعلنت الـ «أونروا» أن إسرائيل منعتها نهائيا من توصيل مساعدات إلى شمال قطاع غزة، حيث خطر المجاعة في أعلى مستوى.
وقال المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني عبر منصة «إكس»: «رغم المأساة التي تتكشف أمام عيوننا، أبلغت السلطات الإسرائيلية الأمم المتحدة بأنها لن توافق بعد الآن على إرسال أي قوافل غذائية تابعة لـ «أونروا» إلى الشمال». وأضاف «هذا أمر شائن ويجعل عرقلة المساعدة المنقذة للحياة مقصودة أثناء مجاعة من صنع الإنسان».
وأثار القرار الاسرائيلي انتقادات واسعة، حيث اعتبر وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن أن استخدام التجويع سلاحا في الحرب انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، وقال ان منع إسرائيل وصول مساعدات الـ «أونروا» إلى شمال غزة أمر غير مقبول على الإطلاق.
بدوره، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أنه «لا بديل عن الأونروا، وكل الأموال التي تقدم لها تساهم في إنقاذ الأرواح»، واتهم إسرائيل بأنها تستخدم التجويع سلاحا في حربها على غزة، وهذه المأساة لا تنتهي إلا بتوقف العدوان.
وقال «هناك كارثة إنسانية في غزة، ولا يوجد ما يبرر ارتكاب المجازر وحرمان الأطفال من الغذاء»، معتبرة ان غزة أصبحت مقبرة مفتوحة، ليس للأطفال فقط بل للقانون الدولي أيضا، وتداعيات ذلك مدمرة.
وعلى صعيد المفاوضات التي تقودها أميركا ومصر وقطر، بغية التوصل إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى والمحتجزين، قال مصدر قيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن التسريبات الإعلامية الإسرائيلية عن تنازلات وحلول وسط تم تقديمها لـ «حماس» هي دعاية بائسة. وأضاف المصدر، بحسب قناة «الجزيرة»، أن دعاية إسرائيل تهدف لتغطية تعنتها والتملص من مسؤولية عرقلة الاتفاق أمام ذوي أسراها. وأكد موقف الحركة «الذي لا تراجع عنه» وهو أنه لا تبادل للأسرى مع استمرار المجازر والحصار.
وفي السياق، استبقت الصين تصويت مجلس الأمن على مشروع قرار جديد يطالب بوقف إطلاق نار «فوري» في قطاع غزة، وأعلنت تأييده. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان «تدعم الصين مشروع القرار هذا وتهنئ الجزائر ودولا أخرى لعملها الدؤوب في هذا المجال».
جاء ذلك بعد أيام على استخدامها «الفيتو» مع روسيا خلال التصويت على مشروع قرار أميركي ربط الوقف «الفوري» لإطلاق النار في غزة بالإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس. وطالب مشروع القرار الجديد بـ «وقف فوري لإطلاق النار» في غزة، وأعده الأعضاء غير الدائمين في المجلس الذين تفاوضوا مع الولايات المتحدة طوال نهاية الأسبوع في محاولة لتجنب فشل آخر.
وقال ديبلوماسي لوكالة «فرانس برس» ان الولايات المتحدة لن تصوت ضده «ما لم يطرأ أي تطور في اللحظة الأخيرة». والمشروع في نسخته الأخيرة، بحسب وكالة «فرانس برس»، «يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان» الذي بدأ قبل أسبوعين، على أن «يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار»، كما «يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن».
ودعا مشروع القرار الجديد أيضا إلى «إزالة كل العوائق» أمام المساعدات الإنسانية التي من دونها بات سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة معرضين لخطر المجاعة. وأدان «كل الأعمال الإرهابية» لكنه لم يأت على ذكر هجمات «حماس» في 7 أكتوبر.
وعلى صعيد الهجوم على رفح الذي تلوح به اسرائيل، أكدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس لشبكة «إيه بي سي» انها لا تستبعد أن تكون هناك عواقب من جانب الولايات المتحدة على إسرائيل إذا مضت في اقتحام مدينة رفح عسكريا، مشيرة إلى أنها درست الخرائط وتبين لها أنه لا يوجد مكان يذهب إليه 1.5 مليون إنسان. كما حذر غوتيريش من أن أي غزو بري لرفح سيؤدي إلى أزمة إنسانية كارثية. والتحذير نفسه أطلقه وزير الخارجية الأردني الذي قال: بدلا من إرسال السلاح إلى إسرائيل يجب إرسال الوفود التي تضغط لوقف إطلاق النار.