يبدو أن سوق السلع الأساسية يبرز علامات على التعافي بعد فترة من الضغوطات التي استمرت لمدة عام والتي أعقبت طفرة نمو كبيرة من عام 2020 إلى عام 2022، ويدعم هذا التحول المحتمل توقع تخفيضات أسعار الفائدة من البنوك المركزية الكبرى، مما قد يضعف من قيمة الدولار الأميركي وأيضا قد يخفض تكاليف التمويل، وبالتالي تعزيز النمو.
ومن الجدير بالذكر أن قطاع المعادن، وخاصة الذهب والفضة، بدأ بالفعل في الانتعاش، مستفيدا من الطلب القوي واحتمال وجود ظروف مالية أكثر ملاءمة. وفي دراسة جديد لـ«ساكسو بنك»، قال البنك إن التوقعات بالنسبة للسلع ـ وخاصة المعادن ـ تظل إيجابية بالنظر إلى المستقبل.
«على المدى القصير، من المرجح أن يتماسك كل من الذهب والفضة، ولكن مع استمرار تخفيضات أسعار الفائدة ـ مما قد يؤدي إلى ضعف الدولار والعوائد ـ نرى أنه من المحتمل أن يصل الذهب نحو 2500 دولار والفضة إلى نحو 30 دولارا، وهو أعلى مستوى منذ فبراير 2021.
تتمثل أكبر التهديدات التي تواجه الأسعار هو انخفاض غير متوقع في التوترات الجيوسياسية، وتوقف البنوك المركزية مؤقتا عن فورة شراء الذهب العدوانية مع التكيف مع الأسعار المرتفعة، وصناديق التحوط التي تعيد جزءا مما يقرب من 300 طن من الذهب التي تراكمت من خلال سوق العقود الآجلة الشهر الماضي.
ويقول أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في «ساكسو بنك»: «نحافظ على توقعاتنا لعام 2024 بشأن وصول سعر الذهب إلى 2.300 دولار أميركي للأونصة»، مع احتمال ارتفاع الذهب إلى مستوى 2.500 دولار، كما أن النحاس، الملقب بـ«ملك المعادن الخضراء»، يسير على الطريق الصحيح لتحقيق النجاح، مدفوعا بالطلب المطرد والتهديد بانقطاع العرض.
ومن الممكن أن يؤدي انخفاض تكاليف التمويل وتدابير الدعم الاقتصادي في أماكن مثل الصين إلى تعزيز السوق لبعض من المعادن الصناعية المختارة، مما يمهد الطريق لانتعاش السلع على نطاق أوسع.
وصل الذهب إلى مستهدف 2300 دولار الذي حدده البنك في توقعاته للربع الأول من عام 24 بعنوان «عام المعادن»، حيث أشار إلى وجهات نظر صعودية وتفاؤل بشأن الذهب والفضة والنحاس، وفي النهاية البلاتين أيضا.
ومع ذلك، فمن المثير للاهتمام ملاحظة أن الهدف قد تم تحقيقه بدون ثلاثة محركات مهمة، وهي تخفيضات أسعار الفائدة، حيث انخفضت التوقعات من أكثر من سبعة عمليات خفض للفائدة من قبل الفيدرالي في بداية العام إلى أقل من ثلاثة حاليا.
«ومع خفض أسعار الفائدة في الأفق، توقعنا أن ضعف الدولار وانخفاض العائدات الحقيقية من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة من مديري الأموال الحقيقية. لم يتحقق أي من هذين الأمرين حتى الآن، وبدلا من ذلك، ارتفع الذهب بسبب صناديق التحوط، أو المضاربين الذين يستمتعون بالزخم القوي الذي حركه الطلب القوي من المستثمرين في جميع أنحاء العالم استجابة للتوترات الجيوسياسية المتزايدة والنمو الممول بالديون».