قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي ارتفع مرة أخرى في مارس الماضي، وبلغ معدل التضخم على أساس سنوي 3.5% خلال الأشهر الـ 12 المنتهية في مارس، وتعد هذه قفزة كبيرة مقابل مستوياته البالغة 3.2% في فبراير وأعلى معدل نمو سنوي يتم تسجيله على مدار نصف العام الماضي.
ويسلط هذا التقرير الضوء على التحديات التي تواجه المعركة ضد التضخم، والذي لا يزال يضغط على ميزانيات الأسر المعيشية، كما أشار التقرير أيضا إلى أن تطبيق أي تدابير لتيسير السياسة النقدية، مثل خفض أسعار الفائدة، من غير المرجح أن يحدث قريبا.
ولفت التقرير إلى أن التضخم يعتبر من أبرز المخاوف الشديدة التي عاصرت رئاسة الرئيس الأميركي جو بايدن، حيث رفض العديد من الناخبين أسلوب تعامله مع الاقتصاد. وأثرت البيانات بشكل كبير على توقعات تعديل مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمسار أسعار الفائدة. ويستبعد المحللون إلى حد كبير أن يتم خفض سعر الفائدة في يونيو المقبل.
وبعد صدور هذا التقرير، تراجعت توقعات الأسواق لخفض أسعار الفائدة في يونيو إلى 21% مقابل 53% في اليوم السابق و73% الشهر السابق. من جهة أخرى، أشار مكتب إحصاءات العمل الى أن الأسعار ظلت دون تغير يذكر على أساس شهري مقارنة بنمو بلغت نسبته 0.4% في فبراير.
وكانت تكاليف الغاز والسكن أكبر الفئات التي ساهمت في تلك الزيادة، إلا أن ارتفاع الأسعار كان واسع النطاق وشمل معظم فئات المؤشر. وارتفعت الأسعار لكل فئة رئيسية تقريبا الشهر الماضي، باستثناءات محدودة مثل السيارات المستعملة والجديدة، وزيت الوقود، وأسعار المواد الغذائية في متاجر البقالة، والتي إما انخفضت أو ظلت ثابتة.
وأشارت توقعات الاقتصاديين إلى تسجيل نموا شهريا بنسبة 0.3% وبمعدل سنوي يصل إلى 3.4%. وباستثناء الفئات المتقلبة مثل أسعار المواد الغذائية والغاز، ارتفع معدل التضخم الأساسي بنسبة 0.4% مقارنة بالشهر السابق، ليظل بذلك المعدل السنوي عند 3.8%، أي عند المستوى نفسه المسجل في فبراير.
أسعار المنتجين الأميركية
وقال تقرير «الوطني»، إن أحدث البيانات الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل أشارت إلى تباطؤ معدلات نمو أسعار المنتجين. إذ ارتفع مؤشر أسعار المنتجين، الذي يتتبع تغيرات أسعار الجملة قبل وصول البضائع إلى المستهلكين، بنسبة 0.2% الشهر الماضي. ويأتي هذا النمو بعد تسجيله لزيادة أكبر بنسبة 0.6% في فبراير.
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعى بنشاط لكبح جماح التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة. ومنذ مارس 2022، تم رفع أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة حتى وصلت إلى النطاق الحالي الذي يتراوح بين 5.25% و5.50%.
ويتمثل الهدف من رفع أسعار الفائدة في إبطاء وتيرة النشاط الاقتصادي وخفض معدلات التضخم في نهاية المطاف. وقد يكون التباطؤ الأخير الذي طرأ على نمو أسعار المنتجين من المؤشرات المبكرة على أن جهود الاحتياطي الفيدرالي بدأت تؤتي ثمارها.
طلبات إعانة البطالة
كشفت أحدث البيانات الصادرة عن وزارة العمل عن تحسن وضع سوق العمل الأميركية بوتيرة أفضل من المتوقع. إذ انخفض عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات الحصول على إعانات البطالة الجديدة بشكل ملحوظ ووصل عدد الطلبات إلى 211 ألف طلب في الأسبوع المنتهي في 6 أبريل.
ويعتبر هذا الرقم أقل بنحو 11 ألف طلب مقارنة بتوقعات الاقتصاديين. وتجدر الإشارة إلى أن تلك الأرقام عادة ما تشهد تقلبات إلى حد ما في فصل الربيع نتيجة لتزامنه مع عدد من العطلات مثل عيد الفصح والعطل الدراسية المعروفة باسم عطلة الربيع، والتي تصادف أسابيع مختلفة كل عام.
وعلى الرغم من رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة خلال الفترة السابقة بهدف إبطاء وتيرة التضخم، إلا أن سوق العمل لا يزال يبدو قويا. وزاد معدل نمو الوظائف في مارس، وانخفض معدل البطالة هامشيا. وعلى الرغم من ذلك، يمثل هذا الوضع «سيف ذو حدين».
«المركزي» الأوروبي
وعلى صعيد منطقة اليورو، ذكر التقرير أن البنك المركزي الأوروبي قرر الإبقاء على أسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها القياسية الحالية في الوقت الحالي، إلا أنه أشار إلى إمكانية تغيير المسار قريبا. ويأتي هذا القرار بعد عام ونصف من رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم في منطقة اليورو.
وبدأ معدل التضخم في الانخفاض بالفعل، ويقترب الآن من المستوى المستهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي بنسبة 2%، إلا أن هذا التباطؤ تسبب أيضا في إثارة بعض المخاوف المتعلقة بقوة اقتصاد منطقة اليورو، وذلك في ظل تعثر الإقراض المصرفي وركود النمو.
وفي ضوء تلك المؤشرات المتضاربة، أشار البنك المركزي الأوروبي إلى أنه قد يكون مستعدا لخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، إذا أكدت بعض نقاط البيانات استمرار تراجع معدلات التضخم واستقرار عدد من المؤشرات الاقتصادية مثل نمو الأجور ومعدل التضخم الأساسي.
المملكة المتحدة
أشار تقرير بنك الكويت الوطني إلى أن اقتصاد المملكة المتحدة أظهر مؤشرات دالة على الانتعاش في مستهل العام 2024. وفي الوقت الذي كان النمو الإجمالي في فبراير متواضعا بنسبة 0.1%، إلا انه جاء على خلفية المراجعة التي أظهرت أن نمو يناير كان أقوى قليلا مما كان متوقعا في السابق.
ويبدو أن هذا الاتجاه الإيجابي قد استمر خلال شهر مارس، ما دفع الاقتصاديين إلى الاعتقاد بأن الربع الأول من العام قد يشهد انتعاشا قويا في الناتج المحلي الإجمالي. كما كان هناك المزيد من الأخبار الجيدة التي أشارت إلى توقع انخفاض التضخم، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في إعادة المزيد من الأموال إلى جيوب المواطنين وتعزيز الإنفاق الاستهلاكي، إلا أن مسار التعافي قد لا يكون سلسا بالكامل، وقد يؤدي إحكام قبضة الحكومة على النفقات والتأثير المتأخر للزيادات الأخيرة التي طرأت على أسعار الفائدة إلى التأثير سلبا على وتيرة هذا الارتفاع الذي يحركه المستهلك.