تتجه الأنظار وبقوة نحو المعدن الأصفر الذي يواصل ارتفاعاته التاريخية يوما بعد يوم منذ بداية العام الحالي 2024 وبوتيرة متسارعة لم يسبق لها مثيل، حيث حطم الذهب أرقاما قياسية متتالية بسبب عدد من الظروف والعوامل السياسية العالمية والصراعات الإقليمية في عدد من دول العالم.
وبحسب خبراء اقتصاديين فإن عددا من العوامل هي التي تقف وراء النمو المتصاعد في أسعار الذهب بدءا من تصاعد التواترات الجيوسياسية التي بدأت مع الحرب الروسية - الأوكرانية، والتواترات والتجاذبات السياسية بين الولايات المتحدة والجمهورية الصينية، وصولا إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي انطلقت في السابع من أكتوبر، حيث تسببت تلك العوامل ليس في ارتفاع أسعار الذهب فحسب، وإنما في ارتفاع أسعار برميل النفط إلى مستويات لم تكن ضمن الحسابات الاقتصادية للعديد من دول العالم.
ويرى الخبراء كذلك ان عوامل أخرى من ضمنها الركود الاقتصادي والتضخم الذي تشهده عدد من دول العالم العربي والأوروبي على حد سواء، دفعت المستثمرين بل وحتى المواطنين العاديين إلى التوجه إلى الذهب كملاذ آمن، حتى إن السبائك الذهبية بجميع أنواعها قد نفدت من عدد من أسواق الدول في ظل الطلب المتزايد عليها من قبل جميع فئات المستثمرين.
ويضيف الخبراء أن ذلك كله تم بالتزامن مع قيام عدد من البنوك المركزية في عدد من دول العالم بقيادة الصين باللجوء إلى شراء كميات كبيرة من الذهب لتنويع احتياطاتها بعيدا عن الاعتماد على العملات الأجنبية، ليصبح الطلب على الذهب أكبر من أي وقت مضى، لاسيما في ظل الحديث المستمر حول توقعات خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق هذا العام، خاصة أنه من المعروف أن البنوك المركزية حول العالم تحتفظ بالذهب كضمان مالي، لاسيما بعد أن لجأت البنوك إلى شراء الذهب والاحتفاظ به على مدى 14 عاما متتالية وحتى يومنا هذا دون التفريط فيه تحت أي ظرف من الظروف، وكان بنك الشعب الصيني والبنك الوطني الپولندي من أبرز تلك البنوك.
وقد أضاف «المركزي الصيني» نحو 225 طنا من الذهب إلى احتياطاته، ليصبح بذلك أكبر مشتر للذهب في العالم في 2023 بإجمالي احتياطات بلغت 2235 طنا، لتعزز بذلك الصين ثقتها بالذهب كملاذ آمن على المدى الطويل.
قفزة كبيرة
ويشير الخبراء إلى أن الذهب الذي أنهى تعاملات العام 2023 عن مستوى 2062.49 دولارا للأونصة واصل تألقه منذ بداية 2024 ليسجل رقما قياسيا تاريخيا نهاية الأسبوع الماضي عند 2400 دولار للأونصة في ظل استمرار التوترات السياسية، والتي دفعت المحللين للتفاؤل بشأن مواصلة ارتفاع أسعاره إلى مستويات أعلى إلى 2600 دولار للأونصة نهاية العام الحالي.
اهتمام عالمي
وبحسب الخبراء، فإن الطلب على الذهب لا يقتصر على دولة بعينها أو اقتصاد بعينه، حيث يأتي صندوق النقد الدولي على قائمة أكبر مالكي احتياطات الذهب حول العالم بواقع 2814.10 طنا من السبائك الذهبية تليه الولايات المتحدة الأميركية بمخزون سبائك ذهبية بواقع 8133 طنا من الذهب، وذلك وفقا لبيانات مجلس الذهب العالمي لشهر أبريل، والتي تشير إلى امتلاك الولايات المتحدة احتياطات تقارب كمية احتياطات كل من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا.
وتحتفظ ألمانيا بما يصل إلى 3352.65 طنا من الذهب في احتياطاتها، بينما تأتي إيطاليا في المركز الثالث بعد الولايات المتحدة وألمانيا بإجمالي 2451.84 طنا.
وفي المركز الرابع تأتي الجمهورية الفرنسية التي تمتلك رابع أكبر احتياطي للذهب في العالم بواقع 2437 طنا، تليها روسيا التي تعتبر خامس أكبر حائز للمعدن الأصفر بواقع 2339.6 طنا.
أما على صعيد الدول العربية فتحتل المملكة العربية السعودية المركز الأول في احتياطيات الذهب بواقع (323.1 طنا)، تليها لبنان بإجمالي (286.8 طنا) ثم الجزائر بإجمالي (173.6 طنا) ثم العراق بواقع (142.6 طنا) ثم مصر بإجمالي (126.2 طنا) ثم ليبيا بإجمالي (116.6 طنا) ثم قطر بإجمالي (102.5 طن) ثم الإمارات بواقع (73.9 طنا) ثم الأردن بإجمالي (70.4 طنا).
التوقعات المستقبلية
ونظرا لارتباط أسعار الذهب الوثيقة بمعدلات أسعار الفائدة، يتحرك سعر الذهب بشكل عام بناء على التغييرات في أسعار الفائدة، يعول المحللون الاقتصاديون على التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية العالمية خلال الأسابيع القادمة، ذلك أن سياسة الاحتياطي الفيدرالي سيكون لها تأثير كبير على أسعار الذهب في الأشهر المقبلة، ما يعني أن الأسعار قد تستمر في اتباع توقعات المستثمرين بخفض أسعار الفائدة على المدى القصير.