لا تعامل الجميع على أنهم يملكون قلبا مثل قلبك او يملكون نوايا شفافة كنواياك، فمهما كان داخلك شفافا إلا أن هناك من لا يرون سوى الغبش وما تدنس ولم يعد طاهرا، ويتغاضون عن كل ما هو نقي، لهذا تجدهم لا يستوعبون تلك النية، ولا تتوقع أن يعطوك دائما ما تنوي إعطاءه، وتأكد أن الروح الجميلة تفرض ذاتها أينما حلت.
كما عليك أن تعي جيدا أن هذه الحياة لن تخلو من السيئين، فمن المستحيل أن يكون البشر على وتيرة واحدة ووفق ذات الشاكلة، فمنهم الطيب ومنهم السيئ.
وما دامت أرواحنا في أبداننا كن انت دائما لطيفا لينا، ولا تحاول أن تصنع من نفسك إنسانا سيئا لمجرد أن أحدهم خذلك او أساء إليك ولا تقابل السيئة بالسيئة، وتذكر قوله تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) (فصلت:34)، هنا تظهر معادن النفوس الطيبة للأشخاص الذين ينتصرون على إساءة الناس إليهم.
ولا تجعل الحقد، وإساءة الظن تأخذ منك حيزا، ونق قلبك وروحك دوما من الشوائب التي قد تلتصق بك في متاهة الطريق.
قد يكون التعامل مع أصناف الناس من الأمور التي تأخذ منك وقتا وجهدا، لذلك عليك أن توطن نفسك أن تكون واسع الصدر، مع الصبر على الأذى، وكظم الغيظ، والحلم والصبر والعفو عند المقدرة، فأنت تتعامل مع عقول مختلفة، وبيئات متنوعة، وآراء متعددة.
لذلك لا تفكر في أن تنتقم ممن أساء إليك، أو أن تكون معول هدم، وقد كنت من ذي قبل معولا لرأب الصدع وتآلف الأرواح، وعليك أن تتعامل مع الناس كما يتعامل الطبيب مع المرضى، قد يكون المرض واحدا، والعلاج مختلفا، وهكذا ستسمو بروحك.
ففي أحيان كثيرة يحتاج الناس من يكون قريبا من أرواحهم المتعبة، يداويها ويخفف عنهم بشاعة هذا العالم، يبعث فيهم الأمل، وشق النور من وسط الظلام.
إن إقامة العلاقات الاجتماعية، والشخصية تتطلب بعضا من التعاطف، والتواصل، والرحمة، ويوضح الحسن البصري ذلك أكثر بعبارته الحكيمة: «اصحب الناس بأي خلق شئت يصحبوك».
لا تعامل الناس بما يعاملوك به، أنت شخص تحمل لنفسك من القيم والمبادئ ما يجعلك ثابتا لا تنحدر من القمة، دائما أصحاب القلوب الرحيمة أولئك الذين ينثرون الأخلاق بين الناس هم أكثر الناس صبرا على الأذى، وتحمل الإساءات، لأنهم الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «درجة الحلم، والصبر على الأذى، والعفو عن الظلم، أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة، يبلغ الرجل بها ما لا يبلغه بالصيام والقيام».
ودائما وأبدا حاول الموازنة بين قرارات قلبك وعقلك، فلا تترك قلبك يقودك فتذبل، ولا تدع عقلك يهيمن عليك فتتجبر، وكن وسطا واجمع بين الحكمة والفطنة الممزوجة بالحب والرحمة، وقتها تيقن بأنك ستكون الفائز وستربح كل ما في الكون من خير.