احتضن الملتقى الثقافي، أول من أمس، أمسية بعنوان «استعادة الدراما والفن الكويتي.. لماذا؟» شارك فيها الكاتب والباحث في التراث الغنائي مدير شركة «سين» للإنتاج الفني فيصل خاجة، والزميل مفرح الشمري، في حين أدار الأمسية رئيس ومؤسس الملتقى الروائي القدير طالب الرفاعي.
وشهد الملتقى حضور حشد من الأدباء والمثقفين، بينهم الكاتبة القديرة ليلى العثمان، والكاتب حمزة عليان والناقدة ليلى أحمد، ورئيس مجلس إدارة المسرح العربي أحمد فؤاد الشطي، والإعلامية الجازي السنافي، وباقة أخرى من المهتمين بالشأن الثقافي. بعد الترحيب بضيوفه، طرح الرفاعي تساؤلات عدة، حول الإصرار على استحضار الماضي في الحفلات الغنائية، والتكرار في إحياء ليال فنية لرواد رحلوا عنا، كما سأل عن كيفية البناء الحديث على التراث بشكل متجدد ومعاصر؟ وأسئلة أخرى كثيرة أجاب عنها بإسهاب ضيفا هذه الأمسية.
في البداية، تحدث خاجة عن تجربته في استعادة الموروث الفني الكويتي وإظهاره بصورة معاصرة من خلال الحفلات التي تنظمها شركة «سين»، ومنها عروض «عالم عبدالحسين» التي يتم التحضير لها حاليا لتعرض قريبا على خشبة مركز الشيخ جابر الثقافي، مشيرا إلى أن استعادة الفن الكويتي سببه الحنين الجارف لدى الجمهور للعودة إلى الزمن الجميل، ولذلك يتم استحضار الأعمال الكويتية القديمة ولاسيما الرصينة منها.
وتطرق خاجة إلى أهم المقترحات التي تقدم بها إلى بعض المسؤولين في الديوان الأميري قبل تكليفه بإدارة التشغيل في مركز جابر الثقافي، وذلك لتطوير الأعمال بشكل يتناسب وقيمة هذا الصرح.
وأضاف «من ضمن المقترحات كان لدي مشروع لصناعة عمل وطني سنوي لنبدأ به من الصفر، وكان عنوانه (1920)، حيث إنني اخترت هذه السنة بالتحديد كونها فاصلة ومحورية في تاريخ الكويت، بالإضافة إلى أنها تمثل حقبة مهمة وملهمة أيضا لأنها شهدت الكثير من الإنجازات، منها بناء السور، وهو حدث عظيم قياسا على إمكانات الكويت البشرية والمادية في تلك الفترة». ولفت إلى أن فكرة مشروع «1920» جاءت لتقديم أوبريت وطني ولكن بشكل غير مباشر، وبعيدا عن الأعمال والأوبريتات الوطنية التي يتكدس فيها الأطفال على خشبة المسرح.
ومضى «أيضا، كان مقررا أن من يكتب النص لهذا المشروع هو الأديب الراحل إسماعيل فهد إسماعيل الذي بدوره طلب أن تعاونه ورشة كتابية من المؤلفين نظرا لضخامته، وفي الموسيقى اقترحت اسم الباحث في التراث الغنائي العازف أحمد الصالحي». وتابع قائلا: «هنا قدمت فكرة المواسم الثقافية للمركز والتي تعنونت بـ (من الكويت نبدأ)، بحيث نستهل الفعاليات بالمبدعين الكويتيين والرواد في مجالات الأغنية والتمثيل وغيرها، على أن تنطلق هذه المواسم في شهر سبتمبر من كل عام وتنتهي في شهر أبريل، عطفا على ضرورة تنوعها بين الموسيقى والاستعراضات، الكلاسيكية والمعاصرة، محليا وعالميا».
وذكر أنه بعدما تم تكليفه بإدارة التشغيل لمركز جابر الثقافي، ارتأى أن يستهل الموسم الثقافي الأول بأوبريت «مذكرات بحار» كونه من الأعمال الوطنية الرصينة.
من جهته، قال الزميل مفرح الشمري إن الصحافة الفنية تتابع عن كثب ما تقدمه شركات الإنتاج الفني، في الدراما والمسرح والغناء، من أعمال جميلة ومميزة كعادة «عروس الخليج» دولة الكويت، التي صدرت لكل الدول أرقى الفنون في المجالات كافة.
وأشاد الشمري بتجربة مدير شركة «سين» للإنتاج الفني فيصل خاجة في إعادة التراث الكويتي، «لنستذكر سنوات الفن الجميل، لأنه في الوقت الحالي نادرا ما نرى أعمالا مميزة، مثل أوبريت غنائي يختلج المشاعر، أو أغنية عاطفية تعلق في الأذهان، أو حتى مسلسل تلفزيوني يمتعنا بمشاهدته».
كما ثمن الشمري تلك الأعمال التي تقدم على خشبة مركز الشيخ جابر الثقافي لتستذكر الرواد، ممن حفروا في الصخر وأسهموا في بناء هذا الإرث الفني الكبير.
واستدرك قائلا: «لكنني كنت أتمنى أنه حين يتم استحضار الأعمال التراثية القديمة، أن يتم استحضار صناعها وأبطالها أيضا للاحتفاء بهم، حيث إن إعادة أوبريت (مذكرات بحار) على مركز جابر الثقافي غاب عنه أحد صناعه وهو الملحن القدير غنام الديكان، والأولى أن نعطي كل المبدعين الذين عملوا بدأب في هذه الأعمال حقوقهم من دون استثناء».
وأكمل: «بالنسبة إلى الدراما، ففي السابق كانت الأعمال مؤثرة جدا لأنها لامست الجميع من خلال ما تطرحه من قضايا، وكانت تبحث دوما عن موضوعات تهم الناس وتضيء على مكامن الفساد والإصلاح في المجتمع».
واستغرب الشمري من كلام أحد المخرجين من أبناء الجيل الحالي حين اعتبر برنامج «قرقيعان» أفضل بالنسبة إليه من مشاهدة مسلسل مثل «درب الزلق»، مشيرا إلى أن البعض من أبناء هذا الجيل لم يطلعوا على رسالة وقيمة هذا العمل، الذي ناقش الكثير من الأمور الشائكة خلال الطفرة الاقتصادية في الكويت، والغش التجاري، وموضوعات أخرى ما زلنا نعاني من آثارها حتى يومنا هذا.