- تداعيات تهاوي سهم «أجيليتي» في «الثلاثاء الأسود» لا تزال تلقي بظلالها السلبية على أموال المتقاعدين
- الوزير أدى القسم في 17 يناير.. ورغم مرور 70 يوماً حتى قرار «أجيليتي» الانتقال لم يوجِّه «التأمينات» بتعيين ممثل لها في مجلس الإدارة
- غياب ممثل «التأمينات» وضعف رقابة «المالية» أتاحا لمجلس «أجيليتي» الانفراد باتخاذ القرارات والإضرار بأموال المتقاعدين
- وزير المالية يضرب عرض الحائط بجهود الدولة وتوجيهات القيادة السياسية في تحسين أوضاع أصحاب المعاشات
- أيـن أنور المضف مـن قرارات «أجيليتي» وانتقالها إلى سـوق أبوظبي؟! و استثمار «التأمينات» في «أجيليتي» دخل مرحلة خطرة تستوجب المحاسبة
- 95 مليون دينار خسارة «التأمينات» من ملكياتها في «أجيليتي» منذ «الثلاثاء الأسود» لتهبط من 226.13 مليون دينار إلى 131.10 مليوناً
- سلطات الدولة مطالبة بمعالجة ملف «تراخي» وزير المالية ومسؤولي «التأمينات».. إذا استمرت «أجيليتي» في نهجها
عكست حالة الهلع التي سيطرت على بورصة الكويت منذ «الثلاثاء الأسود» (16 الجاري)، والذي شهد الانهيارات الحادة التي تعرض لها سهم شركة أجيليتي وخسارته أكثر من 44% من قيمته السوقية في «ضربة واحدة»، الوضع والإرث التعيس في «تقاعس» وزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار د.أنور المضف ومسؤولي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن تعيين ممثل للمؤسسة في شركة «أجيليتي»، ما جعل مجلس إدارتها ينفرد بالقرارات وأدخل أموال المتقاعدين في دائرة الخطر بصورة مباشرة، وذلك بعدما انفرد مجلس إدارة «أجيليتي» باتخاذ كل القرارات الأخيرة التي دفعت إلى انهيار سعر السهم، لتدور المؤسسة في دائرة مفرغة لتنكأ جراح العجز الاكتواري مجددا وليزيد من جديد وتضيع جهود الدولة المبذولة لتحسين أوضاع المتقاعدين.
«تقاعس» وزير المالية
الآن، وبعد الفشل في إدارة ذلك الملف الاقتصادي المهم، فإن تقاعس وزير المالية في معالجة ذلك الملف سريعا يفتح الباب على مصراعيه أمام العديد من التساؤلات: لماذا لم يمثل ثاني أكبر ملاك «أجيليتي» وهي «التأمينات الاجتماعية» في مجلس إدارة الشركة، إلى جانب مجموعة من الأسئلة المحورية في تلك القضية مثل.. ما الثمن الذي تحملته «التأمينات» ومتقاعدوها نتيجة تقاعس الوزير؟ ومن الذي سيتحمل كلفة الخسائر الفادحة؟ ومن الذي يتحمل المسؤولية اقتصاديا وسياسيا؟ وما انعكاسات ذلك الإخفاق على المشهد الاقتصادي برمته؟ ومن يتحمل نتيجة تلك الممارسات السلبية بهجرة المستثمرين الأجانب بورصة الكويت بعد الجهود المضنية التي بذلتها منظومة السوق في تطويره وإدراج الكويت على أهم وأبرز 3 مؤشرات عالمية تتمثل في مؤسسة مورغان ستانلي للأسواق الناشئة «MSCI»، وفوتسي راسل «FTSE»، وستاندرد آند بورز «S&P»؟!
وما يزيد وجاهة التساؤلات في هذا الخصوص، ان هناك جهودا خيرة دقت جرس إنذار لسنوات طويلة من مخاطر استثمارات أموال المؤمن عليهم من العمال والمتقاعدين الطامحين إلى «حياة كريمة» بعد تقاعدهم، إلا أن الأخبار التي تأتي من الشركات التي تستثمر فيها أموال المتقاعدين دائما لا تسر، ومع كل الوعود من المسؤولين بالتصحيح إلا أنه لا يكون إلا على حساب المتقاعدين أو العاملين، بإصلاحات ترهق حياتهم وتقلل من طموحاتهم ومستوى معيشتهم.
أين دور أنور المضف؟
ومن هنا يبرز تساؤل آخر: أين دور وزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار د.أنور المضف منذ حلف اليمين الدستورية للحكومة بتاريخ 17 يناير 2024، وقسمه على حماية احترام الدستور وقانون الدولة والذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وتأدية أعماله بالأمانة والصدق في الحفاظ على أموال المتقاعدين في استثمارات «التأمينات الاجتماعية» في شركة أجيليتي، ووقف القرارات التي اتخذها مجلس إدارة الشركة في 27 مارس 2024 بتوزيع أرباح عينية على المساهمين بواقع 800 مليون دينار وإدراج شركة أجيليتي جلوبال بي إل سي في سوق أبوظبي للأوراق المالية؟
وإن كان الوزير المضف موجودا على رأس عمله منذ 17 يناير 2024، وقرار «أجيليتي» بالانتقال إلى بورصة أبوظبي قد تم اتخاذه في 27 مارس وطوال فترة الـ70 يوما لماذا لم يقم الوزير بمتابعة المؤسسة التابعة له ومساءلتها في عدم تعيين ممثل لها بمجلس إدارة شركة أجيليتي للحفاظ على المال العام وأموال المتقاعدين.
ممارسات «أجيليتي» ستحرق الجميع
أسئلة وأسئلة مضادة.. والإجابات مؤجلة، لكن المؤكد أن أي صاحب حس وطني سليم لا يمكن إلا أن يكون مع محاربة الفساد، وإدراكنا لخطورة الوضع الاقتصادي المحدق بدولة الكويت نتيجة الممارسات السلبية التي اتخذتها شركة أجيليتي وانعكست سلبا على بورصة الكويت وضياع أموال صغار المستثمرين، والأزمة التي طالت المتقاعدين البسطاء، كل هذا دفعنا إلى تبني تلك القضية المعقدة في كيفية تغيير إستراتيجية النظام الاقتصادي في آلية التعاطي باتخاذ القرارات التي تحافظ على حرمة المال العام وتنمية مداخيل مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
تحسين معيشة المتقاعدين..
هل أصبح حبرا على ورق؟!
القيادة السياسية أكدت في أكثر من موقع وعلى مدار العامين الماضيين على ضرورة تحسين معيشة المتقاعدين، وبذل الجهود الحثيثة في سبيل تحقيق ذلك كهدف إستراتيجي للدولة من خلال حزمة من الإجراءات التي تدفع نحو تقليص العجز الاكتواري بالمؤسسة العامة للتأمينات، وحققت الدولة العديد من الإنجازات الملموسة في معالجة ملفات «التأمينات» عبر نقل أراض بقيمة مليارية إلى قائمة ملكيات المؤسسة لتقليص العجز، وصولا إلى التعديلات التي تمت على معاشات المتقاعدين ليتمكنوا من مواجهة التغيرات الاقتصادية المتسارعة في الأسعار وصولا إلى زيادة القرض الحسن ورفع سن التقاعد.
وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلت في سبيل تحقيق ذلك، ضرب وزير المالية د.أنور المضف بتلك الجهود عرض الحائط، بما يدفع نحو تقويض ما تم إنجازه بشأن تحسين أوضاع المؤسسة ككل، إثر الخسائر التي حققها سهم شركة أجيليتي في جلسة الثلاثاء الأسود، والذي انخفض بأكثر من 44% خلال جلسة واحدة، لتطير أموال المتقاعدين بقرارات مجلس إدارة أجيليتي «المنفردة» دون تدخل مباشر من «التأمينات».
وتظهر الأرقام الرسمية، أنه منذ «الثلاثاء الأسود»، بلغت خسارة مؤسسة التأمينات الاجتماعية من مساهمتها في شركة أجيليتي والبالغة 16.44% نحو 95.03 مليون دينار، إذ تهاوت قيمة استثمارات المؤسسة البالغة نحو ٤٤٠ مليون سهم من مستوى 226.13 مليون دينار عندما سجل السهم 514 فلسا قبل تاريخ 16 أبريل الجاري، لتهبط تلك القيمة إلى 131.10 مليون دينار أمس عندما أغلق السهم عند مستوى 298 فلسا، بدون أي إجراءات من وزير المالية أو التأمينات الاجتماعية للحفاظ على أموال المتقاعدين.
من يتحمل الخسائر؟
أما من يتحمل تكلفة «تقاعس» الوزير عن تعيين ممثل للمؤسسة في مجلس إدارة «أجيليتي»، فهو المؤسسة والمتقاعدون والدولة التي باتت مطالبة بمعالجة ملف جديد يزيد الاستمرار فيه من خسائرها يوما بعد آخر إذا استمرت «أجيليتي» في نهجها.
ولجهة من يتحمل المسؤولية السياسية بصورة طبيعية، فهو وزير المالية الذي تقاعس بعدم متابعته الجهات التابعة له والتزامها بتعيين ممثل للمؤسسة في مجلس إدارة «أجيليتي» ما دفع المؤسسة للوقوع في ذلك الفخ، وهو ما يوجب على الحكومة فتح تحقيق موسع يحاسب من خلاله المتقاعسون الذين أضروا بمصالح المتقاعدين.