قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن النمو الاقتصادي غير النفطي في المملكة العربية السعودية بقي قويا خلال 2023 على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة، إذ وصل إلى 3.8% مقابل 5.3% في عام 2022، واحتفظ القطاع الخاص بدور المحرك الرئيسي للنمو، رغم تراجع معدل النمو الذي سجله إلى 4.4% في عام 2023 مقابل 5.6% في عام 2022.
وعلى الصعيد القطاعي، ساهم قطاع التجارة والمطاعم والفنادق بالنصيب الأكبر في نمو الناتج المحلي الإجمالي، إذ سجل نموا بنسبة 7% في عام 2023 بدعم من التركيز الشديد على تعزيز السياحة، سواء الخارجية أو المحلية.
وفيما يتعلق بحساب الناتج المحلي الإجمالي على أساس الإنفاق، بقي استثمار القطاع الخاص الأسرع نموا، رغم من تباطؤه بوتيرة حادة إلى 6.2% في عام 2023 مقابل متوسط قوي للغاية بلغ 22% في عامي 2021-2022.
ويتوقع تقرير «الوطني» أن تستمر ديناميكيات الاقتصاد الداعمة للنمو في عام 2024، والتي قد تتسارع في عام 2025 مع بدء ظهور تأثيرات خفض أسعار الفائدة، حيث يتوقع أن ينمو القطاع غير النفطي بنسبة ثابتة على نطاق واسع تبلغ 3.7% في عام 2024، ثم 4.2% في عام 2025 بدعم من نمو القطاع الخاص بنسبة 4.5% و5%، على التوالي.
وتسهم عملية صنع السياسات الفعالة التي تطبقها الحكومة في دعم هذه النظرة الإيجابية ورفع مستويات الإنفاق المتوقعة لعامي 2024-2025 في الموازنة الأخيرة، إلا أن هناك بعض التحديات المنتظرة.
فعلى سبيل المثال، بالنظر إلى أن الإنفاق الحكومي ارتفع بمعدل 12% في المتوسط في كل من العامين الماضيين، فمن المتوقع أن يتباطأ ذلك النمو في عامي 2024-2025، ما قد يؤثر على النشاط غير النفطي.
وبالإضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى بعض التعثر في مسار خفض التضخم في الولايات المتحدة هذا العام، فقد تم تأجيل خفض أسعار الفائدة إلى أواخر عام 2024، ما يبقي أسعار الفائدة بين البنوك السعودية، وبالتالي تكلفة الاقتراض مرتفعة، الأمر الذي لا يدعم النشاط غير النفطي هذا العام.
وبالتالي، فإن الرياح المعاكسة لانخفاض أسعار الفائدة (عادة ما تتحرك أسعار الفائدة السعودية بالتوازي مع أسعار الفائدة الأميركية) ستكون في الغالب من أبرز المواضيع على الساحة الاقتصادية في عام 2025.
وهناك عدد من المؤشرات الرئيسية الأخرى التي يجب مراقبتها من ضمنها الاستثمار الأجنبي المباشر (نظرا لأن ارتفاع مستويات الاستثمار يعتبر من العوامل الجوهرية لتحقيق أهداف رؤية 2030)، والذي بعد ارتفاعه بقوة في عامي 2021-2022، انخفض في 2023 ليصل إلى 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالمستوى المستهدف والبالغ 5.7% في 2030.
وبصفة عامة، من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة محدودة تبلغ 1.2% في عام 2024 على خلفية الضغوط التي يتعرض لها قطاع النفط، قبل أن ينمو بنسبة 4.2% في عام 2025 مع تحول نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي إلى معدل إيجابي وتحسن النمو غير النفطي.
التضخم سيشهد المزيد من التراجع والبطالة تنخفض لأدنى مستوياتها القياسية
استمر التضخم (الذي بقي منخفضا نسبيا نتيجة للدعوم، وتحديد سقف الأسعار، واحتدام المنافسة) في التراجع، إذ بلغ 1.6% على أساس سنوي حتى مارس، إذ كانت إيجارات المساكن (+10.5% على أساس سنوي) المحرك الوحيد تقريبا لضغوط الأسعار خلال العام الماضي.
وعلى الرغم من استمرار ارتفاع إيجارات المساكن، نتوقع أن يستمر تراجع متوسط معدلات التضخم في المتوسط، ليبلغ 1.8% و2% في عامي 2024-2025، منخفضا من 2.3% في عام 2023. وأدى نمو القطاع غير النفطي بوتيرة قوية، إلى جانب استمرار مبادرات توطين الوظائف، إلى خفض معدل البطالة بين المواطنين السعوديين إلى أدنى مستوياته على الإطلاق عند 7.7% بنهاية عام 2023، مقابل 8% قبل عام واحد، ومقتربا من مستوى 7% المستهدف تحقيقه في عام 2030.
عجز مالي في عامي 2024-2025 يمكن إدارته
أدت زيادة الإنفاق بنسبة 11% في عام 2023 وانخفاض الإيرادات النفطية بنسبة 12% إلى تسجيل عجز مالي بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما نمت الإيرادات غير النفطية بنسبة 11%. ونتوقع عجزا محدودا يتراوح بين 1.7% و2% من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2024-2025، في ظل ارتفاع الإنفاق الحكومي (الذي من المرجح أن يواصل تخطي المستويات المحددة في الموازنة) بمعدلات متواضعة، وزيادة الإيرادات النفطية على خلفية ارتفاع توزيعات أرباح «أرامكو» واستمرار نمو الإيرادات غير النفطية بفضل استمرار نمو القطاع غير النفطي. وبالتالي، من المتوقع أن تبقى مستويات الدين تحت السيطرة، أي أقل من 27% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025.
وقد نشهد نموا بوتيرة أفضل في حالة زيادة إنتاج النفط بمستويات أعلى من المتوقع، ما سيؤدي إلى تعزيز الناتج المحلي الإجمالي. في المقابل، تتمثل المخاطر التي تهدد آفاق النمو بصفة رئيسية في نمو القطاع غير النفطي بوتيرة أضعف من المتوقع، الأمر الذي قد ينجم عن تباطؤ نمو الإنفاق الحكومي و/أو الضغوط الناجمة عن استمرار ارتفاع أسعار الفائدة.