كرّم الله اللغة العربية بكتابه العظيم فقال - سبحانه: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون)، وانبرى العرب للاهتمام باللغة وعلومها لتقاطعها مع الدين الإسلامي ولفهم كلام الله تعالى، وبعد اعتناق الشعوب الأخرى الإسلام أصبح واجبا تقعيد اللغة ووضع القواعد لها، حتى لا يكون الفهم مزاجيا، دون دليل مرشد لهذه اللغة العظيمة.
واليوم نحن بحاجة إلى من يعيد لهذه اللغة بريقها مع الأجيال القادمة، البعيدة كل البعد عن اللغة، فنحن من جيل وجد لغة في ما قُدّم بالتلفزيون والإذاعة، فأصبحنا نعي ونفهم الكلمات من خلال ما تابعنا صغارا، لكن الجيل القادم لم توفر له فرصة التعرف على اللغة، ولم يسمعها إلا في المدرسة من خلال معلم الفصل، الذي إن أجاد استطاع تحبيب الطالب أو أخفق فيخرج الطالب مبتعدا عن اللغة، بينه وبينها حاجز الجهل.
لذلك الاهتمام باللغة يجب أن يكون مشروعا وطنيا، فاللغة العربية هوية لنا، لو ذهبت أصبحنا بلا جذور وأصبح سهل اقتلاعنا، فحضارتنا العظيمة كانت حضارة إسلامية دينيا عربية لغة.
والشعوب التي تركت لغتها وتحولت عنها ذهبت أدراج الرياح، فاللغة صمام أمان وجامعة تجمعنا على اختلافنا في العالم العربي، ولا يشعر بقيمة هذه اللغة إلا من عاش بالخارج فهو يعلم قيمة الهوية، لذلك برز شعراء المهجر سواء الشمالي والجنوبي بتمسكهم باللغة العربية، وقدموا لها إبداعات حتى يبقى انتسابهم لهويتهم ولا يذوبون في بركان الآخر، لذلك يجب أن تصل الرسالة للجيل القادم أن اللغة ليست مجرد كلمات بل هي حياة لنا وبقاء لتاريخنا واتصال مع حضارتنا ونبراس تقدمنا وازدهارنا.