- د.عبدالعزيز المسلم قدّم عملاً يرضي الجمهور وأكد أهمية الدور المجتمعي للفنان
- السلطان تألقت والمسلم طاقة كبيرة وإبراهيم والبلوشي وقمبر والتمار نجوم فوق العادة
ياسر العيلة
دائما أعتبر المسارح بمنزلة معبر سحري إلى عوالم من الفن والتعبير الإنساني، إذ تتجلى القصص وتحيا الشخصيات على منصاتها بأزيائها الزاهية وأدائها وأصواتها الجميلة، ما يجعلها أماكن استثنائية تجمع بين الإلهام والترفيه. وأعمال مسرح السلام للفنان د.عبدالعزيز المسلم تضمن للجمهور تجربة فريدة ومثيرة في كل مرة، حيث ينطلق الفنانون في رحلاتهم الإبداعية ويقدمون أعمالا فنية بأحدث التقنيات الصوتية والإضاءة، التي تسمح بتقديم عروض استثنائية يصعب استضافتها في أماكن أخرى وتترك أثرا عميقا في نفوس المشاهدين.
بشكل عام فإن أعظم نجاح للإبداع الفني هو تقديم عمل يرضي الجمهور وهذا ما يحدث في مسرحية الرعب «ساحرة الشمال» فمنذ اللحظة الأولى لدخولك المسرح يستقبلك شباب مرعبون بأشكالهم وأزيائهم حاملين مصابيح عتيقة يتقدمهم الفنان الشاب وليد جمعة الذي أجاد في هذا العمل بشكل لافت، حيث يصحبونك إلى المسرح عبر بابين لتقرر وقتها إن كنت من أصحاب القلوب الضعيفة وتشعر بالخوف من الدخول من الباب الأول، وإذا كنت قويا تحب المغامرة ولا تشعر بالخوف فستدخل من الباب الآخر لتمر من خلاله بأحداث غريبة قبل العرض المسرحي وهي مفاتيح وأسرار وجزء مهم من قصة العمل، فالباب الآخر فيه مفاجأة عند الدخول كنوع من تهيئة الجمهور بأنه سيصبح جزءا من الأحداث، وهذا ما يكتشفه كل من يحضر المسرحية حيث حرص الفنان د.عبدالعزيز المسلم على تقديم عرض يتماشى مع عادات وتقاليد أهل الخليج من تراث شبه الجزيرة العربية من خلال فكرة لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه بالمملكة العربية السعودية المستشار تركي آل الشيخ لتقديم قصة رعب عالمية، فكانت «ساحرة الشمال» التي تدور أحداثها قبل عام 1933 في إطار من الغموض والرعب، لتضيء على قصة ساحرة وزوجها الغامض اللذين عاشا في بيت لايزال مهجورا منذ أكثر من مائة عام، بإحدى القرى في شبه الجزيرة العربية، ومات كلاهما من دون أن يجدوا لهما قبرا.
يحسب للمؤلف والمخرج د.عبدالعزيز المسلم قدرته على اختيار فريق العمل المناسب والمتخصص لصياغة وتحقيق حالة الإبهار، فالسينوغرافيا كانت حاضرة بقوة من خلال تفاعلها مع جميع عناصر العرض، وتم توظيف الإضاءة والمؤثرات البصرية في التحاور الفني المتبادل مع ديكور فهد المزن ذي الألوان الساحرة، دون أن يطغى على أزياء حصة العباد المستوحاة من التراث القديم في شبه الجزيرة العربية.
والحقيقة الإضاءة في العمل تعد نموذجا يحتذى في علاقتها بعناصر العرض عبر التقنيات الحديثة، والتي اكتملت في المشاهد التي طار فيها أبطال العرض فوق رؤوس الجمهور، في مشاهد أعدها المسلم الكبير ونفذها الابن المخرج عبدالله المسلم، وساعدهما في ذلك فريق محترف، حيث قدموا لنا صورة مبهرة لا تقل بأي حال من الأحوال عن التي نشاهدها في أكبر المسارح العالمية.
أما بالنسبة لأداء الممثلين، فالنجمان عبدالعزيز المسلم وفتات سلطان قدما أداء رائعا، وجمعتهما كيمياء جميلة أضفت أجواء من البهجة على العرض، وجسد النجم الشاب عبدالله المسلم دور التاجر الثري الذي يرغب في الزواج من فتاة شابة رغم رفضها له، حيث لعب الدور بشكل سلس وبخفة دم تعالت معها ضحكات الحضور داخل القاعة، وأنا دائما أؤكد ان المسلم الصغير واحد من المواهب الشابة صاحبة الفكر الخاص والمختلف. بينما الفنانون حسن إبراهيم ومي البلوشي وشيماء قمبر واحمد التمار وصالح الفيلكاوي ووليد جمعة وعلي العلي وباقي فريق المسرحية قدموا شخصياتهم على أكمل وجه، وبذلوا مجهودا كبيرا لخروج العرض بهذا الشكل المميز.
فريق العمل
المسرحية من تأليف وإخراج عبدالعزيز المسلم الذي تكفل أيضا بتصميم الخدع البصرية والفنية، مخرج منفذ عبدالله المسلم، كلمات الأغاني للشاعر ساهر، والصياغة الفنية للشاعر سامي العلي، فيما الألحان وتوزيع الأغاني لعادل الفرحان وذلك بمشاركة الأوركسترا الروسية والأوركسترا البلغارية، ويأتي تصميم الديكور للدكتور فهد المذن، والأزياء التراثية لحصة العباد، بينما تتم مراجعة اللهجة الكويتية من قبل خالد الرشيد، ومراجعة اللهجة النجدية من عبدالرحمن الصالحي من السعودية الموسيقى التصويرية للملحن أحمد عبدالهادي، والمؤثرات الصوتية لمهندس الصوت عبدالله المرزوقي، وتصميم تقنيات الإضاءة والصوت لمجموعة السلام الإعلامية، أما تقنيات ثلاثية الأبعاد الجديدة فهي من تصميم م.علي رضا.
الدور المجتمعي للمسلّم
الفنانون عليهم دور مجتمعي مهم بصفتهم قوى ناعمة، ويختلف الدور من فنان لآخر، والنجم د.عبدالعزيز المسلم من هؤلاء السباقين في هذا الأمر، وآخر المواقف التي قام بها هو استقطاعه جزءا من قيمة كل تذكرة حجزها الجمهور وتخصيصها كل منهم باسمه في بناء مسجد ومركز إسلامي لتحفيظ القران الكريم في إحدى القرى التي تعاني من الجهل والسحر، وهو نفس قصة مسرحية «ساحرة الشمال»، لتكون صدقة جارية لهم تصب في ميزان حسناتهم، بخلاف مساهمته هو وفريق عمل «مجموعة السلام» بنسبة أخرى في بناء المسجد، وهذا شيء جميل يحسب لهذا الفنان القدير.