في خطاب تاريخي، وفي وقت عصيب، ومع تفاقم الأزمات والخلافات السياسية الداخلية، وعواصف الأزمات الخارجية، وعدم إدراك البعض أهمية الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في هذه المرحلة لبلدنا الكويت كان خطاب صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله ورعاه، الحزم والعزم على إيقاف هذا العبث والفساد والإضرار بالبلاد والعباد.
فيا صاحب السمو أنت الحكيم ولك السمع والطاعة، وأنت ربان سفينة الكويت وقائد مسيرتها، وأنت حامي الدستور والديموقراطية الكويتية، وأنت صمام الأمان، وقد سبق أن حذرتم مرارا وتكرارا وفي مناسبات عديدة، ونصحتم بالعمل على تحقيق المصلحة العامة للوطن والمواطنين والابتعاد عن أي صراعات هادمة ومضيعة الوقت عن بناء الكويت.
لكن المشهد السياسي استمر في التصعيد واشتد، وعصفت الحال بتدخلات في غير محلها ولغة الحوار المتدنية لا تخلو من التعصب والهجوم، فكان لا بد من هذا القرار الصعب.
فجاء الأمر السامي بحل مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور لمدة لا تزيد على أربع سنوات.
وقد جاء في الخطاب السامي دروس وعبر وإيجاز يبين تشخيص الحالة والمشكلة وإعادة التوازن والحزم والعزم، لاتخاذ كل الإجراءات لتصحيح المسار لمصلحة البلاد والعباد، وهذه المقتطفات من كلمة سموه:
- ديموقراطية الحكم كأسلوب حياة وعمل تفرض قدرا واسعا من تنظيم السلطات العامة وتوزيع أدوارها ضمن رؤية واضحة تحقق الهدف منها وهذه الرؤية تفرض العديد من الضوابط على السلطتين التشريعية والتنفيذية ضمان تقيدها بأحكامه.
- مصادر الثروة الوطنية لا يجوز التفريط فيها أو استخدامها على وجه يستنزف مواردها ويعطل مصالح الأمة عن طريق اقتراحات تهدر المال العام ولا تحقق الصالح العام وإنما يجب أن تعمل هذه الاقتراحات على خدمة الاقتصاد الوطني وفي إطار خطة التنمية.
- الجو غير السليم الذي عاشته الكويت في السنوات السابقة شجع على انتشار الفساد ليصل إلى أغلب مرافق الدولة ووصل إلى المؤسسات الأمنية والاقتصادية بل ونال حتى من مرفق العدالة الذي هو ملاذ الناس لصون حقوقهم وحرياتهم.
- نحن على يقين تام أن القضاء قادر، بإذن الله تعالى، على تطهير نفسه على يد رجاله المخلصين وتوفيق من الله تعالى لهم في مهمتهم النبيلة ويعلم الجميع أن لا أحد فوق القانون، فمن نال من المال العام دون وجه حق سوف ينال عقابه أيا كان موقعه أو صفته.
- لن أسمح على الإطلاق بأن تستغل الديموقراطية لتحطيم الدولة، لأن مصالح أهل الكويت أمانة في أعناقنا علينا واجب صونها، وكما حرص حكامنا السابقون على تثبيت دعائمها وسلموا رايتها لنا، فسيكون همنا وواجبنا أن نسلم راية الديموقراطية إلى من يأتي من بعدنا خفاقة عالية.
- تصرفات بعض الحكومات التي مررت مخالفات وتجاوزات جسيمة نتيجة للضغط النيابي أو اجتهادات غير موفقة أو مدروسة انعكست سلبا على المصلحة العامة حتى وجدنا من أدين بالخيانة حرا طليقا نتيجة للممارسات غير المقبولة ولن أسمح على الإطلاق بأن يتكرر ذلك تحت أي ظرف.
- الأمن مسألة في غاية الأهمية وسوف نولي جل اهتمامنا لتحقيق هذه الغاية فنعيد النظر في قوانين الأمن الاجتماعي أولا، ثم من دخل البلاد على حين غفلة وتدثر في عباءة جنسيتها بغير حق ومن انتحل نسبا غير نسبه أو من يحمل ازدواجا في الجنسية.
- تحية عطرة لرجال الأمن الذين يسهرون على حماية مصالح الشعب ويحملون على أكتافهم صون الأمن في بلدنا ولكي ينام المواطن قرير العين.
- احترام رجال الأمن هو من احترام نظام الحكم ولن أسمح على الإطلاق بالمساس بهيبتهم أثناء أدائهم لواجباتهم الرسمية.
- الدستور بوصفه وثيقة تقدمية تستجيب لمتطلبات الحياة لا بد له من التوافق مع الظروف المستجدة في قدرته على استيعابها ليكون منفذا له في الاستمرار كأداة تحكم واقع المجتمع، فإذا ما أغلقت كل المنافذ فلا يمكن له القيام بدوره المنشود.
في الختام: السمع والطاعة لصاحب السمو الأمير وسدد الله خطاكم وأرشدكم إلى الصواب.
اللهم احفظ الكويت من شر الفاسدين والعابثين، الله أدم علينا الأمن والأمان وغيّر حالنا إلى أفضل حال.. الله الوطن الأمير.
دمتم بخير.