من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية. ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت. وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.
أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر أبريل 2024، وذلك بالتعاون مع «الأنباء» وبرعاية «لكزس»، حيث تراجع معدل المؤشر العام إلى مستوى 115 نقطة بخسارة 6 نقاط خلال شهر، محتلا الموقع الأدنى منذ شهر يناير، وسجلت كل المؤشرات الستة المكونة للبحث معدلات سلبية، مما انعكس سلبا على المؤشر العام.
وتؤكد نتائج البحث شبه شمولية الموقف السلبي للمستطلعين، أي ان 3 مكونات من 27 مكونا منحوا المؤشر العام تقييما إيجابيا بين نقطة واحدة ونقطتين، بينما من الجهة المعاكسة، أي 24 مكونا عبروا عن عدم ثقتهم، فتراجعت النقاط لديهم بدءا من 3 نقاط كحد أدنى وصولا إلى 21 نقطة، وعلى الرغم من ذلك تؤكد الوقائع ان الوضع الاقتصادي في الكويت بحالة جيدة ارتكازا على عدة حقائق، هي:
1- توقع البنك الدولي ان تحقق الكويت نموا يبلغ 2.8% ونسبة 3.1% السنة المقبلة، وتحقيق الأرباح الصافية لـ 137 شركة مدرجة في البورصة لعام 2023 مبلغ 2.536 مليار دينار.
2- على الرغم من تقلص حجم إنتاج وتصدير النفط بناء على قرارات منظمة أوپيك التي تسعى لضبط قانون العرض والطلب في أسواق النفط لرفع أسعار النفط إلى مستويات تضمن مصالح الدول المنتجة والدول المستهلكة على السواء.
3- توقعات المعدل لسعر برميل النفط المقدر بموازنة العام المالي 2023/ 2024 عند 70 دولارا للبرميل بينما لامس سعر برميل النفط حاليا حوالي 90 دولارا، وكذلك ارتفعت ودائع البنوك الكويتية، فرفعت مستوى الاقتراض على كل المستويات، واستثمرت في قطاعات اقتصادية عدة وقدمت تسهيلات شخصية نتج عنها رفع مستوى النمو الاقتصادي الكويتي.
وقد ساهمت العوامل الداخلية الإيجابية في الكويت باستقرار الأوضاع وتأمين المقومات الضرورية للاستقرار التي أدت ليس فقط لحماية مستوى ثقة المستهلك بل لدفعها إلى ارتفاع تدريجي ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، أما تراجع الثقة بناء على معطيات البحث ، فيمكن اختزال ذلك بالأسباب الثلاثة التالية:
أولا: لا تزال الحرب بأوكرانيا مشتعلة متأهبة، لا تملك أية جهة حتى الآن إمكانية التكهن والرد على تساؤل حول كيف تنتهي هذه الحرب؟ هذه البؤر الدولية والإقليمية أدت الى عرقلة سير واستقرار سلاسل التوريد التي بدورها رفعت مستويات نفقات الشحن، واحتمالات المخاطر التي بدورها رفعت أسعار السلع والمواد الغذائية والسفر والخدمات التي ضغطت على نفسية المستهلكين.
ثانيا: عدم اليقين في مسار الحرب في فلسطين والاعتداء الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، دون القدرة على تحديد مستقبل هذه الحرب، وتداعياتها على كامل الأوضاع الجيو-سياسية المعقدة والتساؤلات المحيطة بها.
ثالثا: الصدمة المفاجئة لبورصة الكويت التي أمنت بسعيها تنظيما متطورا وتحقيق مكاسب متعددة وجذب رساميل أجنبية للاستثمار في مجال جملة من القطاعات.
واحتلت بورصة الكويت موقعها بين البورصات العالمية، لذا فوجئت في الأسبوع الأخير من شهر أبريل بتراجع حاد لأسعار أسهم شركة أجيليتي بنسبة غير مسبوقة تجاوزت 40%، هذه الحادثة شكلت عبئا على البورصة وعلى الأسواق المالية وغير المالية في الكويت، ووضعت تساؤلات عدة عن أسباب هذا الانخفاض في أسعار الأسهم ونتائجها السلبية التي تهدد السمعة الطيبة عن البورصة وعن ثبات وتطور الشركات المدرجة فيها.
الوضع الاقتصادي الحالي والمتوقع
في هذه المناخات الضاغطة إقليميا وعالميا وانعدام اليقين وعدم القدرة على إصدار توقعات مستقبلية موحدة بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والخدمات التي تضغط على يوميات المستهلكين في العالم، سجل مؤشر آراء للوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا 110 نقاط متراجعا 7 نقاط خلال شهر، وبذلك يحتل المؤشر الاقتصادي المتوقع أدنى المستويات منذ ما يزيد على سنة.
على صعيد المناطق، تراجع مستوى مؤشر الاقتصادي المتوقع في العاصمة 22 نقطة وحولي 18 نقطة، والفروانية 9 نقاط، ومن الجهة المقابلة ارتفع مؤشر مبارك الكبير 14 نقطة، ومحافظة الأحمدي 4 نقاط.
اللافت أن ذوي الرواتب التي تفوق 2850 دينارا شهريا عبروا عن عدم تفاؤلهم بالمستقبل الاقتصادي بتراجع مستوى المؤشر لديهم 23 نقطة، كما أن جميع الفئات العاملة المشاركة في البحث توافقت جميعا على موقف سلبي بتراجع مؤشراتهم بين 3 نقاط كحد أدنى و14 نقطة كحد أقصى.
بالمقابل سجل مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي 102 نقطة متراجعا 4 نقاط، حيث عبر 16 مكونا للبحث من أصل 27 عن عدم ثقتهم بالأوضاع الاقتصادية الراهنة.
تراجع مؤشري المداخيل الفردية
سجل مؤشر الدخل الفردي الحالي 94 نقطة، متراجعا 7 نقاط مقارنة بشهر مارس المنصرم، بينما سجل مؤشر توقعات الدخل الفردي في المستقبل 104 نقاط بتراجع 4 نقاط.
وعبرت الأغلبية الساحقة، عن عدم ثقتها بمؤشري الدخل خاصة ذوي العمل الخاص، حيث اكتفوا بتسجيل 71 نقطة لمؤشر الدخل الفردي الحالي بخسارة 58 نقطة من رصيدهم السابق، بينما كانت الخسارة أقل حدية لمؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا بتراجع 9 نقاط.
ان مبلغ 3.86 مليارات دينار الذي شكل حجم المبلغ المحول من العمالة الوافدة خلال سنة تراجع 28.5%، وهذا التراجع قد يكون عائدا إلى تقلص حجم العمالة في الكويت وأيضا إلى انخفاض قدرتهم على التوفير.
انقسام الآراء حول فرص العمل
يشكل مؤشر فرص العمل المتوافرة في السوق حاليا معيارا مكرسا لتوجهات الحركة الاقتصادية، ويمكن استشراف القطاعات الأكثر نشاطا أحيانا بالاعتماد على معطيات المؤشر.
وتشير أرقام البحث إلى تباين في مواقف وآراء المستطلعين، حيث انقسموا إلى قسمين متساويين مناصفة.
سجل هذا المؤشر خلال شهر أبريل 124 نقطة متراجعا 5 نقاط عن مستواه الشهري و4 نقاط مقارنة بنتائج شهر أبريل 2023.
اللافت أن 14 مكونا من مكونات البحث الـ 27 أعربوا عن موقفهم السلبي من فرص العمل والمكونات الاخرى كانت إيجابية في الاختيار.
فعلى الصعيد المناطقي ارتفعت مستويات هذا المؤشر في محافظة مبارك الكبير 23 نقطة، والعاصمة 29 نقطة، وحولي 7 نقاط بينما من جهة أخرى تراجعت مستويات محافظة الأحمدي 32 نقطة والفروانية 23 نقطة والجهراء 18 نقطة.
كذلك برز تباين في المواقف حيث ارتفع المعدل في أوساط المواطنين 8 نقاط بينما تراجع المؤشر عند المقيمين العرب 25 نقطة خلال شهر.
هذا الاختلاف في تقييم فرص العمل المتوافرة في السوق يطول كل مكونات البحث بما فيها الفئات العاملة ومختلف الفئات الاجتماعية الأخرى.
القروض الائتمانية تحافظ على الاستهلاك
سجل مؤشر شراء المنتجات المعمرة لشهر أبريل 2024 معدلا بلغ 115 نقطة متراجعا 7 نقاط عن مستوى رصيده الشهري السابق، ومعززا رصيده السنوي مقارنة بشهر أبريل 2023 بـ 15 نقطة، على الرغم من التراجع الشهري الذي أصاب كل المؤشرات تقريبا، فإن مستوى مؤشر الاستهلاك لا يزال يحتل موقعا جيدا.
اللافت ارتفاع مستوى القروض الائتمانية والتسهيلات المصرفية والشخصية، والتي بلغت قيمتها خلال شهر نصف مليار دينار من خلال المصارف الكويتية.
هذا الائتمان يسهم مساهمة فعالة بتنشيط الحركة الاقتصادية في مجالي الإنتاج والاستهلاك.
وفي مقياس النفقات من قبل المواطنين، بلغت نفقات السياحة والسفر إلى الخارج من قبل المواطنين 4.39 مليارات دينار خلال عام 2023.
إن معدل مؤشر الشراء لشهر أبريل 2024 في الظروف الراهنة الخارجية والإقليمية منها يؤكد قدرة الأسواق الكويتية على الانتعاش وقوتها الاقتصادية.