يرى الكثيرون أن الثقافة والتعلم وجهان لعملة واحدة، وكل منهما يكمل الآخر، والحقيقة أن هناك خطا رفيعا، وفرقا كبيرا بين المصطلحين، لأنه ليس بالضرورة أن يكون الشخص المثقف يحمل شهادة علمية، والعكس صحيح، فنجد كثيرا من الأشخاص يحملون شهادات عليا في الطب والهندسة وغيرهما من العلوم تجدهم منصبين على تخصصاتهم التي يعملون بها وليس عندهم الوقت الكافي أو ليس لديهم اهتمام بالاطلاع على العلوم الأخرى أو الأخبار والمعلومات التي لا تتعلق بما تعلموه في الجامعات من علوم، هؤلاء من الممكن أن تطلق عليهم متعلمين، ولكن عندهم قصور في القراءة والاطلاع على الأمور الأخرى. وفي المقابل تجد أناسا لم يتعلموا في الجامعات وربما تعليمهم يكون محدودا جدا يقتصر على المراحل الأولى والاعدادية ولكنهم مثقفون جدا ويتحدثون في كل المجالات ومطلعون على جميع العلوم الأدبية والفنية والسياسية والاقتصادية، وإذا اجتمع المثقف مع المتعلم تجده يفحمه في الحوار، وفي كثير من الأحيان يتغلب عليه أمام الآخرين، وذلك جاء بسبب القراءة والاطلاع المستمر ومتابعة كل ما هو جديد، وعندما تجلس معهم تشعر بالمتعة والفائدة لأنهم يتحدثون ويتناقشون في كل المجالات على نقيض من يحدثك فقط عما تعلمه في الجامعة، والذي ربما لا تفهم به أو لا يعنيك.
فالثقافة جامعة كبيرة بحد ذاتها شاملة كل العلوم ومفتوحة للجميع، سواء من خلال الكتاب أو الوسائل الأخرى، المهم هو الشغف والاطلاع والتنوع في العديد من المجالات التي ستعود على الإنسان بالفائدة الكبرى وتجعله يعيش بين الناس بثقة شديدة عندما يتناولون أيا من المواضيع، فالمثقف شخص ليس له حدود ولا يلتزم بشيء بعينه، على عكس المتعلم، ولكن هذا لا يمنع أن يكون الكثير من الدارسين والحاصلين على العديد من الشهادات مطلعين على العلوم الأخرى، إلا انه في المجمل وفي الكثير من الأحيان يبقى هناك فرق بين الطرفين.
[email protected]