دخلت الانتخابات الرئاسية الأميركية المرتقبة في نوفمبر المقبل إلى المجهول بعد الإدانة الجنائية للرئيس السابق دونالد ترامب في سابقة تاريخية تحدث لأول مرة مع رئيس سابق ومرشح للانتخابات.
ومنذ لحظة إعلان قرار هيئة المحلفين بمحكمة مانهاتن في نيويورك بإدانته بالتهم الـ 34 في قضية تزوير الوثائق المالية لتغطية تسديد مبلغ قدره 130 ألف دولار لشراء صمت ممثلة قبل انتخابات العام 2016، لم يتوقف ترامب عن الهجوم على المحكمة والجسم القضائي برمته، منددا بما وصفه بمحاكمة «غير عادلة» وحاملا على خصومه الديموقراطيين وعلى رأسهم منافسه في الانتخابات المقبلة الرئيس جو بايدن.
وأكد ترامب أنه سيطعن «في هذا الاحتيال»، ووجه المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية انتقادات لاذعة إلى الرئيس بايدن و«عصابته»، فنعتهم بـ «المرضى» و«الفاشيين»، محملا إياهم مسؤولية متاعبه القضائية.
وعلق المتحدث باسم حملة بايدن الانتخابية مايكل تايلر، في بيان على خطاب ترامب الذي القاه من برجه في نيويورك، قائلا إن الرئيس السابق «مرتبك ويائس ومهزوم»، مضيفا أن «أي شخص شاهد الخطاب على التلفزيون يخرج باستنتاج أكيد: هذا الرجل لا يمكنه أن يكون رئيس الولايات المتحدة».
وحاول ترامب تسخير الإدانة لمصلحته، فكتب «إنني سجين سياسي»، في نداء لجمع التبرعات أصدره في أعقاب صدور الإدانة. ونجح ترامب في جمع أكثر من 50 مليون دولار خلال 24 ساعة، بحسب فريق حملته.
وإن كانت إدانة ترامب تاريخية، إلا أنها لا تمنعه من خوض الانتخابات الرئاسية، ومن الصعب التكهن بوطأتها على نتيجة الاقتراع.
أما بالنسبة للترشيح، فإن الإدانة بارتكاب جناية لا تمنع ترامب من الترشح للرئاسة، وذلك بموجب المادة الثانية من الدستور الأميركي.
إلا أن السؤال الأبرز: هل يستطيع ترامب العفو عن نفسه إذا نجح بالانتخابات ووصل إلى البيت الأبيض في نهاية السباق الرئاسي في نوفمبر المقبل؟
وبحسب القوانين الأميركية، فإن ترامب لا يستطيع العفو عن نفسه وفقا للمادة الثانية، القسم 2، من الدستور، فصلاحيات العفو الرئاسي لا تشمل جرائم الدولة وتقتصر على الجرائم الفيدرالية فقط، بحسب موقع قناة «العربية».
والسؤال الثاني: هل يستطيع ترامب التصويت لنفسه؟ وفي حال الحكم بالسجن هل سيكون بمقدور ترمب الإدلاء بصوته؟ والجواب: نعم سيكون بإمكانه التصويت، وحسب قوانين التصويت في ولاية نيويورك فإن المدانين لا يصوتون عندما يكونون في السجن، ومن غير المرجح أن يكون ترامب خلف القضبان خلال فترة الانتخابات.
وبما أن ولاية فلوريدا، المسجل فيها ترامب، تحترم قوانين التصويت في الولاية التي حدثت فيها الإدانة، فإن الرئيس السابق سيكون قادرا على التصويت.
ورغم كشف المحاكمة تفاصيل الاتهامات، إلا أنها لم تؤثر حتى الآن في استطلاعات الرأي، إذ بقيت نتائج ترامب وبايدن متقاربة، مع تقدم طفيف للمرشح الجمهوري في بعض الولايات الرئيسية.
ورأى كيث غادي، أستاذ العلوم السياسة في جامعة «تي سي يو» في تكساس، أن هذا الحكم «لن يؤدي على الأرجح إلى تحريك أصوات كثيرة»، لكنه قد يؤدي إلى «قلب» النتائج المتقاربة.
لكن الحكم الصادر يحتمل أن يصب في مصلحة بايدن الذي يعتزم تعزيز صورته كرجل دولة جدي يلاحق قضايا الدولة الكبرى، فيما يلزم خصمه قاعات المحاكم.
ويصدر القاضي خوان ميرشان الحكم بحق ترامب في 11 يوليو، تزامنا مع قمة للحلف الأطلسي في واشنطن، ما يمنح بايدن فرصة لإثبات حضوره على الساحة الدولية.
وبعدما بقي المحلفون الذين دانوا دونالد ترامب طوال محاكمته الجنائية في نيويورك محميين بموجب أمر أصدرته المحكمة بإبقاء هوياتهم طي الكتمان، يتعين عليهم العودة إلى حياتهم الطبيعية في بلد يشهدا تصاعدا في المضايقات أو حتى العنف بدوافع سياسية.
وإثر إعلان المحلفين الـ12 وهم خمس نساء وسبعة رجال قرارهم إدانة الرئيس الأميركي السابق، شكرهم القاضي ميرشان على «منحهم هذه القضية كل الاهتمام الذي تستحق»، وإن كانوا تخطوا الصعوبات والقيود الضغوط التي رافقت المحاكمة، فهم يواجهون اليوم خطر نقمة مؤيدي ترامب، برأي خبراء.
وقالت كلير فينكلستين أستاذة القانون في جامعة بنسيلفانيا إنها تتوقع أن يتم في نهاية المطاف «تسريب» هويات المحلفين، مضيفة أن «ذلك سيكون من خلال هيئة الدفاع» عن ترامب.
فعلى الرغم من كتمان أسمائهم عن العامة والصحافة، فإن المدعين ومحامي الدفاع كانوا على علم بها. وجرت محاولات على مواقع التواصل الاجتماعي لكشف تفاصيل بشأن المحلفين، كما وردت تهديدات باستخدام العنف ضدهم.
وقالت فينكلستين لوكالة «فرانس برس»: «هذا سيعرضهم للخطر، تماما مثلما رأينا بالنسبة للعاملين في الانتخابات، هذا قد يكون مصدر قلق حقيقيا».
وأكد رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ بولاية نيويورك براد هويلمان سيغال، أن سلامة المحلفين تحظى «بأكبر قدر من الأهمية».