بيروت ـ اتحاد درويش
رأى وزير العدل السابق د.خالد قباني، في حديث إلى «الأنباء»، أن طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين «يدل على خطورة ما قامت به إسرائيل من اعتداءات على غزة وأهلها، واعتبار أن هذه الأعمال تعارض كل الاتفاقات الدولية وتضرب عرض الحائط بكل القوانين الدولية ومفاهيم حقوق الإنسان، وتشكل إبادة جماعية واعتداء على الإنسانية. ومن أجل ذلك اتخذ هذا الموقف من قبل الجنائية الدولية الذي استند إلى حيثيات ووقائع رآها العالم من خلال الجرائم الإسرائيلية التي جعلت ضمير العالم يهتز ويتغير بسبب الهمجية الإسرائيلية».
وقال قباني إن القرارات الدولية التي تصدر عن القضاء الدولي ينفذها مجلس الأمن وفقا للفصل السادس، واذا لم ينفذها تصبح قرارات ذات طابع معنوي لا أكثر ولا أقل، «لكن المهم في الموضوع أن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية الذي أصدر أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين، ينتظر الدائرة التمهيدية لأن تصدر قرارها الذي يحتاج إلى أداة تنفيذية لا تملكها المحكمة، لأنها ليست جهة أمنية بل قضاء يصدر أحكامه ويرسلها إلى الجهة الأمنية لتنفيذها، ومن بيده التنفيذ هو مجلس الأمن صاحب السلطة، كونه هو من يحافظ على السلام والأمن الدوليين، لذا فإن مضمون هذه القرارات يبقى له مفعول معنوي أكثر مما له مفعول تنفيذي.
ونعلم جميعنا أنه كلما عرضت أمام مجلس الأمن مسألة تتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية على غزة وعلى القوانين الدولية، تواجه بـ «الفيتو» الأميركي الذي يؤدي إلى شل هذه القرارات، وبالتالي إمعان اسرائيل في غيها وتمردها على المؤسسات الدولية والقانون الدولي والمبادئ التي تحكم العلاقات الدولية».
ولفت قباني إلى أن الدخول في تفاصيل قرار الجنائية الدولية «هو سيف ذو حدين، لأنه لم يصدر بحق الجهة الإسرائيلية الغاشمة، بل طال أبرياء يدافعون عن أرضهم وحياتهم».
وبحسب قباني، وهذا اجتهاد شخصي كما قال، «فإنه لا يحق لمجلس الأمن أن يتعرض للقرارات القضائية الدولية ويقيمها ويستخدم الفيتو، اذ انه بذلك يضرب استقلال القضاء الدولي، فمجلس الأمن وعلى الرغم من كل صلاحياته، لا يمكن له أخذ القرار بالاعتراض أو الرفض، أي رفض التنفيذ، والسبب أنه قضاء، والقضاء دائما مستقل، وعندما يحصل التدخل باستقلالية القضاء وبالجهاز التنفيذي للقضاء الدولي، معنى ذلك فقدان القضاء فاعليته ووجوده وهيبته، وهذه مسألة أساسية وخطيرة».
وتوقف قباني عند ردة الفعل الإسرائيلية على قرار الجنائية الدولية «الذي رفضته بصورة سافرة. وأكثر من ذلك فإن إسرائيل تتمرد على قرارات القضاء الدولي وتتهجم على أعضاء الجنائية الدولية وتهدد أفرادها، وهذه الخطوة تحصل للمرة الأولى في تاريخ البشرية. قضاء دولي تهدده دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليس هذا فحسب، بل ان أعضاء في الكونغرس الأميركي هددوا أيضا مدعي عام الجنائية الدولية وتهجموا عليه».
واعتبر قباني «أن القضاء الدولي هو قضاء مستقل ويصدر قراراته من أجل تحقيق العدالة الدولية. ومن غير المسموح، لا لدولة أو أفراد التهجم على القرارات القضائية الدولية، وهذا أمر مستغرب ومرفوض ولم يحصل إلا مع إسرائيل. وهذا خطير على الجنائية الدولية وعلى مبدأ السلام، لأن أقصى ما يمكن توقعه أن يصبح القضاء بشكل عام، الذي يرسي قواعد الحق والعدالة والقانون، أن يتعرض نفسه لهذه الهجمة الشرسة ولهذا التعدي السافر، وأن يتعرض قضاته إلى التهديد المباشر والى شيء من التحقير من قبل إسرائيل. ومعنى ذلك أننا نسير في طريق يأخذ العالم كله إلى الانهيار الأخلاقي، والى انهيار مفهوم الحق والعدالة. هذا لا يطمئن البشرية وأصحاب الحقوق وتقرير المصير، ولا يعطي أي أمل على المسار الدولي كله نحو إرساء السلام العالمي وإعطاء كل جهة حقها في الحياة».