قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت قفز بنحو 3 أضعاف تقريبا في 2023، إذ ارتفع من 232 مليون دينار في 2022 إلى 649 مليون دينار، وقد يكون هذا أفضل أداء للاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى الكويت منذ أكثر من 10 أعوام، رغم أنه بالنظر إليه كنسبة تصل إلى 1.3% من الناتج، وهذا المبلغ يعتبر متحفظا مقارنة بنظرائه في الخليج.
من جهة أخرى، انخفضت تدفقات استثمارات محافظ الأوراق المالية إلى الخارج، لتصل إلى 13.1 مليار دينار (-7.6%)، فيما يعزى بصفة رئيسية لانخفاض التدفقات الخارجية إلى صناديق أدوات الدخل الثابت الخارجية (أدوات الدين)، في حين ارتفعت التدفقات الخارجية إلى الأسهم الأجنبية إلى نحو 6.7 مليارات دينار.
أما بالنسبة لبند «الاستثمارات الأخرى»، فنلاحظ انخفاض تدفقات ودائع المقيمين في الخارج (بصفة رئيسية الحكومة العامة) إلى 1.1 مليار دينار مقابل 2.4 مليار دينار في عام 2022.
وأخيرا، انخفض إجمالي الاحتياطيات الأجنبية لبنك الكويت المركزي بنحو 150 مليون دينار (+1.1 مليار دينار في عام 2022)، لكن إجمالي الاحتياطيات بقي كبيرا عند 14.6 مليار دينار، وهو ما يغطي واردات السلع والخدمات لأكثر من 3 أشهر.
وذكر التقرير أن القيمة الصافية لتدفقات الحساب المالي في الكويت بلغت 15.5 مليار دينار في عام 2023 (تشكل 31% من الناتج)، مقابل 19.7 مليار دينار في العام السابق، مرجعا هذا الانخفاض إلى تقليص الاستثمارات المباشرة في الأوراق المالية بالخارج، والتي انخفضت بأكثر من النصف إلى 3.4 مليارات دينار، مقابل 7.8 مليارات دينار في 2022، وذلك في ظل تطلع المستثمرين إلى تحقيق مكاسب من الفائدة على الودائع المحلية.
وتشير البيانات الأولية الى استمرار قوة الوضع الخارجي للكويت في 2023، رغم تقلص فائض الحساب الجاري في ظل انخفاض عائدات تصدير النفط، وواصل الحساب المالي تسجيل تدفقات صافية كبيرة للخارج، وإن كانت أقل مما كانت عليه في العام السابق نتيجة انخفاض الاستثمارات الخارجية وتراجع ودائع المقيمين في الخارج.
ومن المتوقع أن يصل فائض الحساب الجاري الى مستويات مرتفعة على المدى المتوسط نتيجة ارتفاع أسعار النفط، رغم أن انخفاض أسعار الفائدة العالمية اعتبارا من النصف الثاني من عام 2024 قد يؤدي الى تراجع العائدات على الودائع، مما يؤثر سلبا على بعض مقبوضات الإيرادات الاستثمارية.
وتقلص فائض الحساب الجاري في عام 2023 إلى 15.8 مليار دينار (31% من الناتج على أساس تقديري) مقابل 19.3 مليار دينار (35% من الناتج) في عام 2022، وكانت هذه هي السنة السابعة على التوالي التي يتم خلالها تسجيل فائض، وثاني أعلى المستويات المسجلة من حيث القيمة في عشرة أعوام. ويعزى التراجع المسجل في عام 2023 الى الانخفاض الملحوظ في فائض الميزان التجاري بسبب انكماش عائدات تصدير النفط (انخفض إنتاج النفط بنسبة 4.3% وانخفضت أسعار النفط بنسبة 20%)، وتراجع الصادرات غير النفطية وارتفاع الواردات (16.8%)، وشكلت عائدات تصدير النفط نحو 93% من إجمالي الصادرات.
وكالعادة، ساهم العجز في حساب الخدمات في الحد من أثر فائض الميزان التجاري جزئيا، والذي اتسع إلى 5.9 مليارات دينار (11.6% من الناتج)، في ظل نمو المدفوعات (+10.8%) بمعدل تجاوز نمو المقبوضات (+6.8%).
وساهم عدد من العوامل في زيادة واردات الخدمات من ضمنها زيادة مشتريات السلع والخدمات الحكومية بنحو الضعف تقريبا، وارتفاع مدفوعات النقل، فضلا عن زيادة إنفاق السكان على السياحة.
ارتفاع إيرادات الاستثمار
وذكر تقرير البنك الوطني أن إيرادات الاستثمار، وهو البند الذي يعكس تدفقات الإيرادات من رأس المال المستثمر في الخارج، ارتفعت بنسبة 25% تقريبا في عام 2023 لتصل إلى 9.9 مليارات دينار، فيما يعد أعلى عائد سنوي وفقا للبيانات المتاحة، الأمر الذي يعزى للأداء القوي للسوق المالية.
كما ارتفعت إيرادات استثمارات المحافظ والودائع المحتفظ بها في الخارج بنسبة 16.5% و87% على التوالي على أساس سنوي، وذلك نتيجة الاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، ما ساهم في زيادة العائدات على الودائع المصرفية وسندات الخزانة قصيرة الأجل. وساهمت تلك المكاسب في الحد من تأثير انخفاض إيرادات الاستثمار المباشر في الخارج (-18.5%)، وذلك رغم أن انخفاض إيرادات الاستثمار لغير المقيمين من الأصول في الكويت (انخفض مؤشر السوق العام لبورصة الكويت بنسبة 6.5% في عام 2023) أدى أيضا إلى رفع فائض حساب الدخل الأساسي. ويعتبر حجم إيرادات الاستثمار كبيرا نظرا لإمكانية تكونه في الغالب من عائدات الحكومة على استثماراتها الضخمة في الخارج، والتي تديرها الهيئة العامة للاستثمار. ويساوي إجمالي إيرادات الاستثمار نحو نصف الإيرادات التي تحققها الدولة من صادراتها النفطية، فيما نمت قيمته بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بالعقد السابق، لتعادل نحو 19.7% من الناتج المقدر.
ويلاحظ أن هذه الإيرادات التي يعاد استثمارها من قبل الهيئة العامة للاستثمار غير مدرجة ضمن حسابات الميزانية الرئيسية للحكومة، على الرغم من أنها تتجاوز العجز المالي السنوي البالغ 1-5 مليارات دينار والمسجل في السنوات الأخيرة باستثناء السنة المالية 2020-2021.
3.9 مليارات دينار تحويلات الوافدين في 2023.. الأدنى منذ سنوات
قال تقرير بنك الكويت الوطني، إن عجز حساب الدخل الثانوي، الذي يعكس في الغالب الأموال التي يقوم الوافدون بتحويلها إلى خارج الكويت، تقلص بشكل كبير خلال عام 2023، إذ انخفضت تحويلات الوافدين بنسبة 29% وصولا إلى أدنى مستوياتها المسجلة في عدة سنوات عند 3.9 مليارات دينار.
وأوضح التقرير أن هذا الانخفاض قد يكون ناجما عن مزيج من العوامل التي تتضمن ارتفاع تكاليف المعيشة المحلية بعد الجائحة، وتباطؤ تدفقات الوافدين في 2023 (مع التشديد في تطبيق نظام ترحيل مخالفي الإقامة)، وعدم استقرار سعر الصرف الرسمي وغير الرسمي للجنيه المصري، ما تسبب على الأرجح في توقف العديد من الوافدين المصريين، ثاني أكبر الجاليات في الكويت، عن تحويل الأموال إلى بلادهم.