- اليسار يحقق مكاسب كبيرة واليمين المتطرف يتراجع في دول شمال أوروبا
أظهرت التقديرات الأولية لنتائج انتخابات البرلمان الأوروبي احتفاظ كتل الحزب الشعبي الأوروبي (يمين) مع الاشتراكيين والديموقراطيين و"تجديد أوروبا" (وسطيون وليبراليون) مجتمعة بالأغلبية في البرلمان رغم التقدم الكبير لقوى اليمين المتطرف لاسيما في فرنسا، وهو ما دفع الرئيس ايمانويل ماكرون إلى حل مجلس النواب والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة في 30 يونيو الجاري.
ووفقاً للتقديرات الاولية التي نشرها البرلمان الأوروبي، يتوقع أن يحصل الحزب الشعبي الأوروبي على 181 مقعدا، و135 للاشتراكيين والديموقراطيين و82 ل"تجديد أوروبا" (رينيو يوروب) حيث تشكل هذه الكتل "الائتلاف الكبير" الذي ستحصل في إطاره التسويات في البرلمان الأوروبي، مع جمعها 398 مقعدا من أصل 720، إلا أن هذه الغالبية ستكون أقل مما كانت عليه في البرلمان المنتهية ولايته.
وفازت كتلة الحزب الشعبي الأوروبي، وهو حزب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، بعدد إضافي قليل من المقاعد، في حين تراجع عدد مقاعد الاشتراكيين والديموقراطيين بشكل طفيف، وخسرت كتلة "تجديد أوروبا" التي تضم حزب النهضة بزعامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حوالي عشرين مقعدا.
وسجل اليمين المتطرف صعودا ملحوظا في فرنسا وألمانيا، حيث تقدم على حزبي الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشار أولاف شولتس.
وتنقسم القوى اليمينية المتطرفة بشكل أساسي إلى كتلتين في البرلمان الأوروبي، ولكن يمكن إعادة تشكيلهما في أعقاب الانتخابات.
أما كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين التي تضم خصوصا حزب "إخوة إيطاليا" (فراتيلي ديتاليا) بزعامة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني وحزب القانون والعدالة البولندي، فقد فازت بمقعدين إضافيين وفق التقديرات المبدئية.
وارتفع عدد مقاعد كتلة الهوية والديموقراطية التي تضم حزب التجمع الوطني الفرنسي وحزب الرابطة الإيطالي، من 49 إلى 62 مقعدا. وقد استبعدت الكتلة مؤخرا حزب البديل من أجل ألمانيا من صفوفها.
ومن شأن مكاسب الحزب الألماني الانتخابية أن تؤدي إلى تضخم عدد النواب غير المنخرطين في كتل. كما أن حزب فيدس الذي يتزعمه رئيس الوزراء القومي المجري فيكتور أوربان هو أيضا من بين الأحزاب غير المنخرطة في كتل.
وقد أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، بعد فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية بفارق كبير عن معسكر الغالبية الرئاسية.
وقال ماكرون في كلمة متلفزة "وقعت مرسوم إجراء الانتخابات التشريعية للدورة الأولى في 30 يونيوالجاري، والدورة الثانية في 7 يوليو المقبل".
وفاز اليمين المتطرف بزعامة جوردان بارديلا في الانتخابات بنسبة تزيد على 30% من الأصوات، ملحقا هزيمة ساحقة بالمعسكر الرئاسي الذي حصل على نحو 15% من الأصوات، بحسب التقديرات، يليه بنتيجة متقاربة الديمقراطيون الاجتماعيون.
واعتبر الرئيس الفرنسي أن نتيجة الانتخابات الأوروبية "ليست جيدة للأحزاب التي تدافع عن أوروبا"، مشيرا إلى أن اليمين المتطرف حصد "ما يقرب من 40% من الأصوات" في فرنسا (إذا أضفنا إلى قائمة بارديلا قائمة حزب "الاسترداد" بقيادة إريك زمور).
وقال ماكرون " إن صعود القوميين والديماغوجيين يشكل خطرا على أمتنا وأيضا على أوروبا وعلى مكانة فرنسا في أوروبا وفي العالم".
وكان جوردان بارديلا قد أعلن بالفعل أنه سيطالب بحل الجمعية الوطنية بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تقدمه قبل الانتخابات، وطالب بذلك مجددا قبيل نشر التقديرات الاولية لنتائج الانتخابات.
وفي رد فعل فوري، قالت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن "نحن على استعداد لممارسة السلطة إذا منحنا الفرنسيون ثقتهم". وخسرت لوبن في مواجهتها مع ماكرون مرتين في الانتخابات الرئاسية لعامي 2017 و2022، وتهدف إلى الوصول للرئاسة في الاستحقاق المقرر عام 2027.
أما في دول شمال اوروبا فحققت أحزاب اليسار والخضر مكاسب في الانتخابات الاوروبية ، في حين تراجعت الأحزاب اليمينية المتطرفة، وفق ما أظهرت النتائج الرسمية واستطلاعات الرأي.
ففي فنلندا حقق حزب "تحالف اليسار" تقدما بحصده 17,3% من الأصوات، أي أكثر بأربع نقاط مقارنة بعام 2019، وفق النتائج المعلنة بعد فرز 99% من بطاقات الاقتراع.
وقالت زعيمة "تحالف اليسار" لي أندرسون "لم أكن أحلم قط بمثل هذه الأرقام".
وبالتالي سيحصل الحزب على ثلاثة مقاعد من أصل 15 مخصصة لفنلندا في البرلمان الأوروبي، مقارنة بمقعد واحد فقط خلال الانتخابات السابقة.
كما عزّز الائتلاف الوطني (يمين الوسط) بزعامة رئيس الوزراء بيتري أوربو مكاسبه بحصده نحو 25% من الأصوات بزيادة أربع نقاط تقريبا.
في المقابل، تراجعت شعبية "حزب الفنلنديين" اليميني المتطرف المشارك في الائتلاف الحكومي، بحصوله على 7,6% من الأصوات، أي بانخفاض قدره 6,2%، ولن يحصل إلا على مقعد واحد.
وقال سيباستيان تينكينن الذي فاز بمقعد الحزب الوحيد لإذاعة "واي إل إي" العامة "هذه دعوة لحزبنا للاستيقاظ".
وفي السويد، حقق حزب الخضر تقدما بحصوله على 15,7% من الأصوات، بزيادة قدرها 4,2 نقطة، وفق استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع أجرته قناة "إس في تي" التلفزيونية.
وتقدم "حزب اليسار" أيضا (4 نقاط إلى 10,7%)، بينما سجل اليمين المتطرف الذي يمثله "حزب ديموقراطيي السويد" تراجعا بمقدار 1,4 نقطة إلى 13,9%. وحافظ الاشتراكيون الديموقراطيون على موقعهم في المقدمة بنسبة 23,1%.
وفي الدنمارك، حيث المشهد السياسي مجزأ للغاية، احتل الحزب الشعبي الاشتراكي الصدارة وحقق تقدما ملحوظا بحصوله على 18,4% من الأصوات، بزيادة قدرها 5,2% مقارنة بعام 2019، وفق استطلاع لآراء الناخبين عند خروجهم من مراكز الاقتراع أجراه التلفزيون العام "دي آر".
وتراجع الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يقود الائتلاف الحكومي إلى 15,4%. ومن المتوقع أن يفوز كل من الحزبين بثلاثة مقاعد من أصل 15 مقعدا في الدنمارك.