يقول الله سبحانه وتعالى: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) الأنبياء/30.
من حين لآخر تبدو ملامح أزمة أمن مائي على مستوى العالم، وتتزايد مؤشرات هذه الأزمة مع نقص الموارد المائية الناجم عن قلة الأمطار وزيادة الاستهلاك والتغيرات المناخية، وغيرها من المشكلات في هذا المضمار. وبينما تبدو الكثير من الدول منهمكة في العمل على توفير مصادر جديدة للمياه لصالح شعوبها، نجد أن شعوبا أخرى تقاوم حتى تحافظ على ما لديها من موارد مائية.
وقد نجحت الكويت في أن تجد لها ملاذا آمنا للحصول على المياه التي هي شريان الحياة لكل إنسان، وسعت جاهدة في بناء محطات تحلية المياه لتوفر تلك المحطات نحو 92% من المياه الصالحة للاستخدام بالمنازل وغيرها من الاستخدامات، والحقيقة أن الكويت حققت إنجازا في هذا القطاع على وجه الخصوص مقارنة بباقي دول الخليج العربي.
ولابد علينا من الانتباه إلى جزئية في غاية الأهمية، وهي أن مصدر المياه الأساسي الذي تعتمد عليه الكويت هو بحر «الخليج العربي» والذي يعد بمنزلة الذراع والامتداد لبحر «العرب» وهو المصدر الأول للمياه التي تتم تحليتها، تعقبه بعد هذا المياه الجوفية، ولهذا فإن أي ضرر قد يلحق بمياه البحر فإنه تبعا سيلحق بأمننا المائي، ويفسد علينا المصدر الأول والرئيسي للمياه.
وبنظرة أكثر شمولا لوضع الأمن المائي للكويت سنجد أنه قد تم تصنيفها من ضمن الدول التي تقع تحت خط الفقر المائي، فمحدودية الموارد المائية باتت أمرا مقلقا للغاية وتمثل نقطة ضعف لدينا.
واليوم فإننا نحتاج حقا إلى دراسة شاملة تعتمد على التوجه العلمي بشكل كبير، وأن نعمل على تطوير معاملنا بالشكل الذي يتلاءم مع زيادة معدلات المياه المستهلكة، وأن من بين الحلول المقترحة للحفاظ على ما نمتلكه من ثروة ممثلة في مياه بحر الخليج أن يتم إيجاد قناة بحرية تمر بداخل البلاد ونعمل على إمدادها ببوابات ضخمة يمكن التحكم بها من حيث الإغلاق والفتح، بحيث تعمل تلك القناة كصمام أمان للكويت، حيث ستعمل على حجز كميات ضخمة من الماء عقب إغلاق البوابات، وبذلك ستكون مياهنا بعيدة عن أي خطر قد يحدث يوما ما، على أن يكون التأمين المائي صالحا لمدة 10 سنوات من إنتاج الدولة للمياه المحلاة، ويتضمن المقترح أيضا أن تكون تلك القناة كمصدر مائي يربط بين دول الخليج مثلما حدث بالربط الكهربائي.
إن الأمن المائي ملف غاية في الأهمية ولا يمكن بأي شكل من الأشكال الاستهانة بالتعامل معه، وعلينا أن نعي جميعا أن مسؤولية الحفاظ على الماء تقع علينا جميعا من جهة ترشيد الاستهلاك، وإيجاد مصادر بديلة وآمنة للمياه.
[email protected]