تشهد سورية حالة من التصحر واسعة النطاق تجعلها واحدة من اكثر بلدان الشرق الأوسط تأثرا بتغير المناخ، وصادف يوم 17 يونيو الجاري اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف. وتهدف هذه المناسبة إلى تعزيز الوعي بخطورة هذين التحديين البيئيين الكبيرين في عصرنا الراهن.
ويقول د. محمد الزعبي مدير إدارة أبحاث الموارد الطبيعية في الهيئة العامة للبحوث الزراعية في سورية، لوكالة أنباء «شينخوا» الصينية، إن غياب الغطاء النباتي وحرائق الغابات التي تحدث، كلها ساهمت في اتساع نطاق التصحر في سورية، مما أدى إلى نقص كبير في المياه.
وجدد التأكيد على أننا نواجه حاليا مشكلة كبيرة تتمثل في ازدياد رقعة التصحر، لافتا إلى أن التغير المناخي والأزمات ساهمت بشكل كبير في تدمير أنظمة الري والغابات والمحميات، وكلها ساهمت في توسيع نطاق التصحر في سورية. وأشار إلى وجود سبعة أحواض مائية في سورية، تعاني معظمها أو جميعها من شح المياه، باستثناء الحوض الساحلي، لافتا إلى أن الضرر الأكبر كان من الحرب نفسها، مسلطا الضوء على تأثيرها على أنظمة الري والغابات والمحميات في البلاد، والتي تضررت بشكل كبير. أما بالنسبة للتغير المناخي، فأشار الزعبي إلى أن هناك عدة خطوات يمكن اتخاذها للتخفيف من الانعكاسات السلبية لقضية المناخ، منها مثلا: تنفيذ الممارسات الزراعية الجيدة، وحصاد مياه الأمطار، واستخدام الأساليب الزراعية الحديثة للتخفيف من آثار تغير المناخ.
وكشف الزعبي عن إعلان حالة الطوارئ البيئية في سورية بالتعاون مع السلطات لمعالجة الوضع البيئي الخطير في البلاد.
من ناحيته، سلط محمد أبو حمود، مدير صندوق إغاثة الجفاف والكوارث الطبيعية، الضوء على التأثير المزدوج لتغير المناخ خلال الحرب، مشيرا إلى سرقة موارد البلاد وتدمير البنية التحتية وفرض العقوبات الاقتصادية الغربية. وقال أبو حمود، لـ«شينخوا» إن العقوبات تؤثر على موارد البلاد ومقدراتها، لافتا إلى أن القوات الأميركية تحتل مناطق في شرق سورية غنية بالنفط والطاقة، وكلاهما ضروري لأي عملية زراعية «نحن في أمس الحاجة إليها».
وأشار إلى أن وزارة الزراعة السورية قررت وضع خطة مرنة للاستفادة من الموارد المتاحة والموارد الطبيعية بأقل قدر من الخسارة، في ظل إدارة سليمة لهذه الموارد، للوصول إلى أفضل منتج يتكيف مع تغير المناخ ويتوافق مع العقوبات.
وتتجلى تداعيات تغير المناخ في سورية في شمال وشرق ووسط البلاد بشكل خاص حيث تتركز البادية السورية التي تتمدد باتجاه المناطق الداخلية.
وتضرب حالة الجفاف ثلثي مساحة منطقة شمال شرق سورية والتي تسمى الجزيرة، وكانت تعتبر سلة غذاء سورية.
وتبلغ المساحة التي تصحرت فعلا قرابة 15 ألف هكتار، والمساحة المهددة بالتصحر 85% تقريبا، حسب دراسة لهيئة البيئة في الإدارة الذاتية التي اعلنها الأكراد في شمال شرق سورية. ويؤكد الباحث البيئي ومدير قسم التخطيط والمشاريع في الهيئة عارف مسلم أن هناك ازديادا في مساحات التصحر في المنطقة مقارنة بالأعوام السابقة، نتيجة الأزمة السورية وغياب الرقابة على المشاكل البيئية تفاقم الأمر، بحسب ما نقلت عنه وكالة هاوار الكردية.
وحسب دراسة ميدانية، فإن أكثر المناطق التي تعرضت للتصحر في دير الزور والرقة والطبقة والحسكة، وإن زحف التصحر كبير وملحوظ باتجاه الشمال.
ويؤكد الخبراء أن التصحر لن يقتصر على المنطقة التي تأثرت بها فقط، بل سينتقل إلى المناطق الأخرى، وهذا ما يؤكده ظهور مؤشرات نظام الإنذار المبكر بحدوث نوبات الجفاف، وتغير المناخ، بالإضافة إلى انتشار بعض النباتات الصحراوية في مناطق لم تكن موجودة من قبل. كما أن هناك أدلة فيزيائية وبيولوجية واقتصادية واجتماعية تشير إلى استمرار تقدم ظاهرة التصحر في المنطقة.