يحمل ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، حفظه الله، لقب خادم الحرمين الشريفين، وهذا شرف ما بعده شرف، ونعمة ربانية، أنعمها الله على السعوديين، لحكمة يعلمها الله سبحانه، والله أعلم أين، ومتى، وكيف تكون مناسك الحج والعمرة، ومن يكتب له الحج هذا العام أو العام المقبل، والله سبحانه يختار من خلقه من يكونوا سدنة وخداما لبيته وضيوف بيته، لذلك قلوبنا مؤمنة ومطمئنة، بما سخره الله لنا كمسلمين، بأن يكون خدام الحرمين الشريفين من هذه الأسرة الكريمة آل سعود الكرام (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء - الجمعة: 4)، تشرفوا بخدمة الحرمين الشريفين أيام قلة الموارد، حيث كانت الحياة قاسية، والأمن مفقودا، والخزعبلات والغلو بالدين منتشرا، فجاهدوا ومن معهم من علماء الدين، فكان التوحيد منهجهم، والإخلاص لله الواحد القهار سبيلهم، فأعانهم الله فاستتب الأمن والأمان بديارهم ورزقهم من نعمه وخيراته الكثير، منها ما اكتشف ومنها ما ينتظر، فكانت الآية الكريمة (وأما بنعمة ربك فحدث) هي برنامج عملهم فتسابق ملوك المملكة العربية السعودية (خدام الحرمين الشريفين) بتوسعة الحرمين الشريفين وإضافة أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا من تطور ومواد البناء والديكور، عدا توسعة المسعى والمسارات المؤدية إلى المرجم، كذلك إعادة تنظيم المدينة المقدسة، وتوفير كل سبل الراحة والاطمئنان للحجاج والمعتمرين.
إن ما تقوم به المملكة العربية السعودية لهو فخر وعز لكل المسلمين، هذه المملكة التي تتحمل تدفق المسلمين بالملايين خلال فترة قصيرة جدا ويقومون بأداء مناسك دينية بوقت واحد كالصلاة والطواف والسعي والوقوف بعرفات والمرجم، والتعامل مع هذا التجمع البشري الضخم في موسم الحج، هذا الحدث الذي تستعد له المملكة العربية السعودية بمثل هذا العدد من الجند ورجال الأمن والطوارئ والإسعافات والمتطوعين وتوفر كل ما يطلبه ضيوف الرحمن من ضروريات وكماليات، ويؤثرون على أنفسهم، حتى وإن كان على حساب حاجة المواطن السعودي، وأسوق مثالا على ذلك أن ما تستهلكه مكة المكرمة من طاقة كهربائية بهذه الفترة يفوق ما ينتجه السد العالي وسد النهضة من كهرباء.
إن الحمل العظيم الذي تشرفت المملكة بحمله، شاكرة الله على تشريفها به، يستوجب شكر وامتنان كل المسلمين للمملكة العربية السعودية ولخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، وصاحب السمو الملكي أمير مكة الأمير خالد الفيصل، ولا ننسى المؤسس الملك عبدالعزيز ومن سبق من أبنائه جميعا، رحمهم الله، وشعب المملكة المخلص الأمين، ونبارك لهم جميعا كما باركنا لهم بالأعوام السابقة بنجاح موسم الحج هذا العام ونشكرهم على حسن ضيافتهم واستقبالهم للحجيج، ونزيد في الشكر لهم على الحزم والعزم في تطبيق قوانين الحج، فالحج يبدأ بصدق النية، ومن استطاع إليه سبيلا، يقول الله عز وجل: (إن سعيكم لشتى فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى).
نبارك لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده وحكومة المملكة الموقرة والشعب السعودي الشقيق لنجاح موسم الحج هذا العام، ونقول لهم: «كثّر الله خيركم، كفيتوا ووفيتوا، وعساكم على القوة».
[email protected]