عندما قررت ألمانيا اختيار مقرها الپافاري في كأس أوروبا لكرة القدم التي تستضيفها حتى 14 يوليو، كان الهدف أكثر من مجرد مكان يجتمع فيه المنتخب ويتدرب على ملاعبه، بل أراد «إيقاظ روح» مونديال 2014 حين توج على الأراضي البرازيلية بلقبه الرابع والأخير، إذ اتخذت ألمانيا من كامبو باهيا، المنتجع المنعزل الواقع في جزيرة لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق العبارة، مقر معسكرها في مونديال البرازيل 2014 الذي تم تصميمه خصيصا لاستضافة منتخب توج في النهاية باللقب العالمي على حساب رفاق ليونيل ميسي 1-0 بعد التمديد.
وتعتقد ألمانيا أن هذا المنتجع المعزول لعب دورا رئيسيا في بناء علاقة وطيدة بين اللاعبين شكلت الأسس التي أدت إلى التتويج العالمي في بطولة حققت خلالها ضربة تاريخية بعدما اكتسحت البلد المضيف 7-1 في نصف النهائي، وهو ما سعت لتكراره في «يورو 2024» ولكن مع استحالة الوصول إلى العزلة التي تؤمنها الأدغال البرازيلية، فقد اختار الاتحاد الألماني بلدة هيرتسوغيناوراخ المرتبطة بعمق تاريخي مع الرياضة وكرة القدم في ألمانيا.
ولعب أوليفر بيرهوف، مدير المنتخب السابق الفائز كلاعب بكأس أوروبا 1996 والذي استقال بعد الخروج المبكر من الدور الأول لمونديال قطر 2022، دورا رئيسيا في تطوير مقر معسكر الـ «دي مانشافت» الذي يقع في نفس مقر شركة المستلزمات الرياضية الألمانية العملاقة أديداس.
وقال بيرهوف إن المقر مصمم: «لإيقاظ الروح، التصميم، وإرادة الفوز» تماما كما فعل كامبو باهيا قبل عقد من الزمن.
ولمدينة هيرتسوغيناوراخ الخلابة التي تتميز بمنازل القش والساحات الهادئة ويسكنها ما يزيد قليلا على 20 ألف نسمة، أثرا كبيرا على الرياضة العالمية، إذ انها مقر لشركة أديداس التي ترعى المنتخب الألماني منذ سنوات طويلة، ورغم قرار الانفصال عن رعاية المنتخب الألماني في 2027 لصالح شركة نايكي الأميركية، إلا أن «أديداس» قامت بتحديث مرافق التدريب ومقر إقامة المنتخب الذي يشمل مكتبا للمدربين، غرف اجتماعات، غرفة طعام، مرافق لتمارين اللياقة البدنية وإعادة تأهيل اللاعبين، إضافة لمنطقة مشتركة يوجد فيها ألعاب فيديو.
وتحت حراسة مشددة وسط الأشجار العالية لحجب الرؤية عن عدسات الكاميرات والطائرات المسيرة، يعيش اللاعبون في أكواخ مكونة من 3 أو 4 غرف نوم تحيط بحوض سباحة.
وقد حقق الفريق أقصى استفادة من وقته في المعسكر بحسب مقاطع الفيديو التي تظهر اللاعبين وهم يستمتعون بألعاب الفيديو ويشاهدون مباريات المنتخبات الأخرى ويجيبون عن أسئلة حول زملائهم في الفريق. وهنا يقول الحارس المخضرم مانويل نوير، الوحيد الباقي من المنتخب الفائز بمونديال 2014 بجانب توني كروس وتوماس مولر إن الفريق: «سعيد بالعودة إلى أديداس مرة أخرى. في إشارة إلى المقر وان اللاعبين الذين مكثوا هنا لفترة أطول يعرفون المكان جيدا ويشعرون إلى حد كبير كأنهم في بيتهم».
البعوض يهاجم مقر «الماكينات»
يكافح نجوم المنتخب الألماني البعوض في مقر معسكرهم التدريبي، حيث شهدت المنطقة تكاثر أعداد الحشرات نتيجة الفيضانات والأمطار التي تزامنت مع انطلاق البطولة الأوروبية. وحسب تقارير إعلامية، يضطر اللاعبون لقضاء معظم وقتهم داخل مقر الإقامة، حيث يتعرضون باستمرار لهجوم الحشرات «الناموس» في الهواء الطلق، كما يحاول اللاعبون محاربة البعوض باستخدام البخاخات، بالإضافة إلى ذلك، تم تجهيز النوافذ في جميع المباني الأساسية بشباك لمنع الحشرات من الدخول. وأكد المدير الفني لمنتخب «الماكينات» يوليان ناغلسمان: «لدينا وباء غير طبيعي من البعوض. علينا أن نتأكد من وجود بعض الرياح وعدم وجود الكثير من الناموس». وقد تحدثت صحيفة «ذا صن» البريطانية، عن تعرض نجوم المنتخب الألماني لهجوم كاسح من البعوض، ما قد يهدد بغياب بعض اللاعبين عن المباريات المقبلة، خوفا من انتشار المرض بينهم. وذكرت الصحيفة أن نجوم المنتخب فوجئوا بكثرة أعداد البعوض في المعسكر، إذ اشتكى المهاجم ماكسيميليان بيير من لدغات البعوض، لدرجة أنه رفقة زملائه يهربون إلى المكاتب.