هناك الكثير من الحالات لأصحاب منازل وقعوا في فخ النصب والاحتيال والسرقة والغش، وحتى جرائم نتجت عن رصد ما في البيوت من مقتنيات، من قبل عمالة سائبة تزعم أنها متخصصة في التكييف والكهرباء والصحي والستلايت وسائر المهن، ممن نستقدمهم من الشوارع دون أن نعرفهم، أو نجد أرقامهم أو إعلاناتهم المضللة بمواقع الإنترنت أو حتى الكروت المطبوعة، والتي أصبحت «مغثة» على أبواب السكن الخاص.
عندما نكون في أمسّ الحاجة إلى هؤلاء، قد نضطر إلى «بلع الموس» بصمت ودون أن نهمس بحرف واحد، فلا يمكن حصر أعداد أصحاب المنازل الذين مورست عليهم أساليب نصب وغش تجاري خلال إصلاح أعطال البيوت كالتكييف المنزلي، إيمانا منهم بأن الفني صادق أمين فتفتح له الأبواب ويصعد الأسطح بكل تسليم وتصديق. لكن الحقيقة المرة هي أن الكثير من هؤلاء الفنيين استغلوا طيبة البشر واتخذوا من البيوت ميدانا فسيحا لممارسة أكل أموالهم بالباطل بكل جرأة وثقة.
هذه الظاهرة التي نعيشها باتت مقلقة جدا، ففي ظل ازدياد حاجتنا لخدمات هؤلاء الفنيين نجد أن الكثير منهم يزعمون خبرتهم في المجال، ورغم أن بعضهم لديه خبرة ودراية في صنعته إلا أن هناك من هو متمرس في خداع الآخرين بحيل وأساليب ملتوية تعاد صياغتها بين الحين والآخر.
في كثير من الأحيان يقوم هؤلاء بفك قطع غيار سليمة من أجهزة التكييف أو الستلايت، مدعين أنها معطوبة، خصوصا «الكمبريسر» في المكيف، ولأننا نصدقهم فإنهم يتمكنون من الحصول على مبالغ مالية كبيرة منا، وتزداد خطورة هذه الظاهرة مع قيام الفني بتسعير القطعة التالفة بمبالغ قد تصل إلى عشرات أضعاف سعرها في السوق، مستغلين اضطرار أصحاب البيوت إليهم خصوصا في فترة الصيف اللاهب.
وهنا أدعو إلى تعزيز حماية أصحاب البيوت من هذه الممارسات غير الأخلاقية التي تضرهم وتجعلهم فريسة للمخادعين، وإلى تنظيم عمل هذه العمالة الفنية ووضع ضوابط صارمة لمنعهم من ممارسة النصب والاحتيال.
وفي الوقت نفسه أدعو أصحاب البيوت إلى توخي الحذر عند التعامل مع هذه العمالة الفنية، وأن يتأكدوا من مصدر آخر، وأن يطلبوا فواتير مفصلة تبين تكلفة قطع الغيار ويبقوا عندهم القطعة التالفة، فمن حقهم أن يحصلوا على خدمات ذات جودة عالية وبأسعار عادلة، من دون أن يتعرضوا للنصب والاحتيال، ولا ننسى أيضا ضرورة التأكد من الإثبات الشخصي للفني الذي سيدخل المنازل قبل السماح له، خاصة في ظل انتشار جرائم السرقة والسطو، فسلامة أرواحنا وممتلكاتنا أهم من أي شيء آخر.
في الختام: واحدة من القصص الحزينة أن أحد أفراد عائلتي استقدم فني تكييف لإصلاح الخلل، فصعد السطح وقام بتشييك سريع على وحدة التكييف المركزي، واكتشف خللا بسيطا فيها لا يحتاج إلى تبديل أي قطعة، فارتاح باله وجلس يدخن السجائر فترة طويلة، لكنه لم يعلم أن السطح مراقب بكاميرات، ثم واجه صاحب المنزل بأنه قام بتغيير قطعة مهمة في التكييف وسعرها كذا وكذا، ليفاجأ بعد ذلك بتسجيل الكاميرات التي أحرجته وسودت وجهه وكشفت كذبه ليقوم بالخروج من المنزل خائفا.
كلمة أخيرة: للحد من هذه الظاهرة أدعو الجهات المعنية إلى تنظيم هذه العمالة وإصدار تراخيص عمل لهم بعد التأكد من تمكنهم وخبرتهم في مجال عملهم، كما يجب أن تكون هناك آلية لمتابعة شكاوى أصحاب البيوت ومحاسبة الفنيين المخالفين، مع فرض عقوبات صارمة عليهم لمنع تكرار هذه الممارسات، انتهاء بسحب تراخيصهم ومنعهم من ممارسة العمل في البيوت.