خبر سار أعلنت عنه الحكومة بوجود مشروع يجري الإعداد له لرقمنة كل معاملات الجهات الحكومية وانتهاء الدورة المستندية الورقية بشكل كامل وإلزام كل الجهات الحكومية بتقديم جميع خدماتها عن طريق تطبيق «سهل» وربطها من خلاله وميكنة الخدمات إلكترونيا، حيث تتطلع الحكومة من خلال هذا المشروع إلى إلغاء جميع المعاملات الورقية في البلاد خلال فترة تتراوح بين 3 و5 سنوات من أجل توفير الوقت وسرعة الإنجاز وتقليل التكاليف على المدى البعيد.
في الحقيقة، هذا التوجه محمود ومرحب به من الجميع سواء من العاملين في الجهات الحكومية أو المواطنين، مع ضرورة أن يتجاوز الأمر الأقوال أو الإعلان عن مشاريع إلى الأفعال والتطبيق على أرض الواقع وبشكل صحيح وناجح مع أهمية التقييم بين كل فترة وأخرى وعلاج أي أخطاء أو سلبيات تظهر.
كذلك تتطلب جدية الحكومة في التحول الرقمي أن تستفيد من خبرات الآخرين الذين نفذوا هذا المشروع ونجحوا فيه بامتياز، وأقرب مثال لنا ما حدث في دبي بدولة الإمارات العربية الشقيقة التي طورت آليات العمل الحكومي وارتقت به إلى أفضل مستويات الكفاءة عبر رقمنة العمليات الخارجية والداخلية بالهيئات والمؤسسات الحكومية وإنشاء إطار قانوني فعال يعالج الإجراءات الرقمية ويتغلب على أية عوائق، في طريق تحقيق هدف الابتعاد عن الورق، الأمر الذي ساهم في توفير الوقت والجهد لكل من موظفي الجهات الحكومية والمتعاملين معها، وعزز الاستدامة والبيئة العملية.
اللافت في تجربة دبي الناجحة بالتحول الرقمي هو التخطيط السليم والتطبيق الصحيح، حيث تمت صياغة إستراتيجية دبي للمعاملات اللاورقية على 5 مراحل تضمنت كل منها مجموعة محددة من الجهات الحكومية في إمارة دبي لتطبق الإستراتيجية كاملة، وبفضل التعاون والتكامل في العمل الحكومي خلال تنفيذ الإستراتيجية نجحت الجهات عبر إتمام العمليات والخدمات الموجهة للمتعاملين في القضاء على استخدام أكثر من 336 مليون ورقة كانت تستخدم لإنجاز المعاملات، كما وفرت نحو 1.3 مليار درهم وأكثر من 14 مليون ساعة على المستوى الحكومي.
وفي الكويت نحتاج لإنجاح مشروع الرقمنة إلى تطوير الخدمات التقنية والبنية التحتية المعلوماتية بشكل كبير وبناء مركز بيانات ذي مواصفات مميزة ومستوى عالمي وتقوية جوانب عدة في مجال الأمن السيبراني للتصدي لأي اختراق لأنظمة الجهات الحكومية أو استهدافها إلكترونيا، إضافة إلى تهيئة كوادر وطنية قادرة على إدارة هذه المنظومة الإلكترونية من تقنيين وفنيين، من خلال تدريبهم على أيدى شركات عالمية متخصصة في هذا المجال، وعدم الاعتماد على الوافدين حتى لا تتكرر أخطاء الماضي الخاصة بتسريب بيانات ومعلومات حساسة عن الوطن والمواطنين.
كما نأمل من الحكومة وضع برامج وأنشطة لمحو أمية التكنولوجيا المعلوماتية باعتبارها ركيزة أساسية لبناء مجتمع معلوماتي معاصر ودعم شركات الاتصالات وتنظيم خدماتها لضمان زيادة الفاعلية والإنتاجية، وكذلك تشجيع الاستثمار في البنية التحتية للتكنولوجيا من جانب مختلف أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص، وتوفير منصات إلكترونية تعاونية تحقق الكفاءة العالية والسرعة في تبادل المعلومات والخدمات وتحسين الاستجابة لاحتياجات المواطنين والأخذ بملاحظاتهم وعلاج الأخطاء التي تظهر أثناء التطبيق..
وفقنا الله، حكومة وشعبا، لما فيه خير وتقدم كويتنا الحبيبة.
[email protected]