سطوع القرن الغربي أوشك على الاضمحلال، لتحل محله القوة الاقتصادية الشرقية المتنامية بزعامة العملاق الصيني، فالأحداث التاريخية التي شرعت بها عصبة الأمم من اعتماد نظام الانتداب كمرحلة أولى انتقالية لتكوين دول ذات سيادة واستقلال معترف بها دوليا، ساهمت في إنشاء العديد من المعضلات الشائكة التي انغرست في قلب الشرق الأوسط لاسيما القضية الفلسطينية الحية بتداعياتها والتي تشهد حاليا تصعيدا دوليا بإضافة الكيان المحتل إلى «قائمة العار» التي تضم الأطراف المتصارعة التي تنتهك حقوق المدنيين والأطفال بشكل جسيم، كما ينذر بتوسع ساحة المعركة الشرسة لدول الجوار وما قد يترتب على ذلك من آثار سياسية واقتصادية وخيمة، وذلك بالتزامن مع الحرب العالقة على مدار عامين متتاليين ما بين روسيا وأوكرانيا ودعم الغرب وحلف الناتو للأخيرة بهدف ردع روسيا عن المضي قدما في تقويض الحلف وتقليص هيمنة النظام الأوحد في العالم لتفتح المجال أمام شريكها الاستراتيجي والاقتصادي والسياسي أن يتوسع في استثماراته الاقتصادية الدولية التي شهدت إقبالا كبيرا بجميع القطاعات، من الصناعات التحويلية والتكنولوجية والتعدينية، وهذا ما دفع الولايات المتحدة إلى اتباع مبدأ الوضوح الاستراتيجي لحماية حلفائها بالإعلان عن الدعم العسكري لحماية مناطق نفوذها ونموها الاقتصادي كحماية لمصالحها الأولى بالرعاية.
فالسياسة الخارجية المتبعة فيما سبق مـــن استخدام أدوات الامدادات الاقــتصادية للتأثير علــى القرارات الــدولية، إلــى جانب حق «الفــيتو»، لـم تعد مجدية أمام الــدور الـــذي تلعبه الصين حاليا وبمــؤازرة الصديقة روســيا، فالحوار الاستراتيجي البناء هو عـــنوان السلام العالمي لهذه المرحلة لتجنيب الشعوب ويلات الكوارث الإنسانية المتصاعدة فـــي حال عدم موازنة المصالح المتضاربة بين الدول، ولا شك أن الخوض في أوجه المصالح المتشاركة يدعم هذه الخطوة بشكل عقلاني لجهة إيجاد الحلول الجذرية للعديد من المشكلات التي تعوق التطور العلمي في الفضاء الخارجي وأيضا أزمة المناخ والطاقة، والحد من انتشار الأسلحة النووية غير السلمية.
[email protected]