على الرغم من تأهبه للسفر وانشغالاته الشخصية، إلا أنه أصر على أن يقتطع من وقته ما يسمح باللقاء معه في مكتب أعماله الخاصة.
فــي بناية تجارية أنيقة بقلب «الدوحة» التي تعج بالحيوية والنشاط المفعم بالأمل، التقيت أمين عام مجلس التعاون الخليجي السابق الأستاذ عبدالرحمن العطية الذي أمضى قرابة تسع سنوات بهذا الموقع المهم واستحقاقاته المعقدة.
كنت قد استضفت العطية في برنامجي التلفزيوني «حوار على الخارطة» الذي كان يبث عبر تلفزيون دولة الكويت قبل حوالي 18 عاما في إحدى قاعات فندق الشيراتون، حيث ارتكز الحوار وقتذاك على التعاون الخليجي المشترك والملفات المطروحة في تلك المرحلة.
الأستاذ عبدالرحمن العطية، فضلا عن كونه سياسيا من طراز رفيع، فإنه كذلك يجيد مهارات العبور بانسيابية خلال طرق السياسة الوعرة المليئة بالموضوعات الشائكة والمفخخة أحيانا.
ورغم ما يحيط بمهنة أمين عام مجلس التعاون الخليجي من محاذير، لاسيما في دائرة «التصريحات الصحافية»، إلا أن العطية كان متفاعلا بفراسته المعهودة وعلى نحو كبير مع الإعلاميين، إيمانا منه بأن الإعلام جسر تفاعلي فعال بين المسؤول والجمهور، وأداة لا غنى عنها في خدمة التوجهات والتحركات السياسية على وجه العموم، فما بالنا إذا تعلق الأمر بست دول مجتمعة تحت مظلة مجلس تعاون خليجي بقطاعات ومهام متنوعة وقضايا وملفات في غاية الحساسية.
أستذكر العطية أثناء لقائي معه محطات الوفاء الكويتية التي ما زالت تحفل بها ذاكرته، ومن أبرزها دعم القيادة السياسية له في الكويت، وعلى رأسها سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، كي يبقى مستمرا في موقع الأمين العام بتلك المرحلة ومساندة التمديد له في المرة الثالثة التي جاءت بمبادرة كريمة من أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ظل رئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ بقمة الرياض عام 2008، وبمباركة كريمة من صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمــد بــن خليفـة آل ثاني وسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، أسكنه الله فسيح جناته.
العطية أبدى من خلال تجاربه وخبراته السياسية خاصة في مناصبه التي تولاها في السلك الديبلوماسي سفيرا لبلده قطر في دول مختلفة، وكذلك كأمين عام لمجلس التعاون إعجابه الشديد بالنهج المتوازن والرشيد الذي تسلكه الكويت في سياستها الخارجية، معبرا عن تفاؤله بتحقيق الكويت معدلات عالية من التنمية والنمو بمختلف المجالات في عهد صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد - حفظه ورعاه- باعتباره قائدا ملهما بمعاضدة سمو ولي عهده الأمين الشيخ صباح الخالد ـ حفظه الله ـ الذي وصفه العطيه بـ«الشخصية السياسية المتزنة وبعيدة النظر».
الأستاذ عبدالرحمن العطية أشاد بوسائل الإعلام والصحافة الكويتية، ونوه بالدور الكبير الذي يلعبه الإعلاميون الكويتيون في صياغة الفكر والوعي داخليا وخارجيا.
تشرفت في نهاية لقائي مع العطية بإهدائه نسخة من كتابي «قطر دوحة المجد» الذي استعرضت فيه المنجزات التنموية في عهد سمو أمير دولة قطر الشقيقة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني - حفظه الله - حيث ثمن هذا الجهد، ودعا إلى مزيد من الأعمال التأليفية والحوارات المشتركة ذات الطابع الإعلامي والفكري والثقافي لتنمية وتعزيز الروابط المشتركة بين الكويت وقطر، خصوصا على مستوى النخب والمؤسسات الإعلامية ومراكز الدراسات والأبحاث.