في ضـــوء التصريحات الأخيرة لـــرئـيس الوزراء اللبــناني نجيب ميقاتي، والتـــي طـــلب فيها تدخل المملكة العربية السعودية لدعم نهوض لبنان من أزمته الحالية، يأتي هذا المقال لتسليط الضوء على المشكلات الحقيقية التي يعاني منها لبنان.
لطالما كانت المملكة العربية السعودية صديقة مخلصة للبنان، ولم تتوان في تقديم الدعم على مر السنين، سواء كان ذلك على الصعيد السياسي أو الاقتصادي.
ورغم أن السعودية لم تتأخر يوما في دعم لبنان، فإن السؤال الملح هو: إلى متى سيستمر لبنان في رؤية تأثير المشكلات الإقليمية والدولية عليه دون أن يعالج المشكلات التي هو طرف فيها؟
الأزمات التي يمر بها لبنان ليست ناتجة فقط عن تأثيرات خارجية مثل جائحة كورونا أو انفجار مرفأ بيروت أو حتى أزمة اللاجئين السوريين. بل إن الكثير من هذه الأزمات تعود إلى الفساد المستشري وعدم قدرة القيادات اللبنانية على إجراء الإصلاحات الضرورية.
إن لبنان يعاني من مشاكل داخلية تعود جذورها إلى عقود من الفساد وسوء الإدارة. القيادات اللبنانية المتعاقبة لم تظهر أي نية حقيقية للإصلاح، بل كانت تعطل وتؤخر كل محاولة لتحسين الوضع حتى تتلقى المساعدات الدولية. فإذا كانت أوروبا، التي لطالما دعمت لبنان وعاملته معاملة خاصة، لم تجد مجالا كافيا لدعمه، كيف لنا كدول خليجية أن نتحمل هذا العبء بشكل مستمر؟
من الواضح أن لبنان بحاجة إلى إصلاحات جذرية تبدأ من الداخل. فكل دولة لديها مشكلاتها، وكل ما يعاني منه لبنان تعاني منه دول أخرى، لكن الفرق يكمن في القيادة والإدارة. لماذا يجب على لبنان تحديدا أن يشكو الحال باستمرار ويعتمد على الدعم الخارجي دون أن يبذل الجهود الكافية لإصلاح الوضع من الداخل؟
إن المحبة التي تحملها السعودية تجاه لبنان لا تعني أن تتحمل مسؤولية الفشل الداخلي المستمر. يجب على لبنان أن يبدأ بمعالجة مشكلاته بجدية ليتمكن من النهوض مجددا.
الأمل ما زال قائما في قدرة لبنان على النهوض مجددا إذا ما التزمت قياداته بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشجاعة وحزم. الدعم السعودي والدولي يمكن أن يكون أكثر فاعلية إذا ترافق مع جهود حقيقية من الداخل. علينا أن نتذكر أن الطريق إلى التعافي يبدأ من الداخل، من خلال مواجهة الحقائق بصدق والعمل بإخلاص على إصلاح ما أفسده الزمن.