قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن العقود الآجلة لخام برنت أنهت تداولات شهر يونيو على ارتفاع، مسجلة مكاسب بنسبة 5.9% على أساس شهري لتصل إلى 86.4 دولارا للبرميل (+12.1% منذ بداية العام)، ما يعد من أعلى المستويات المسجلة في شهرين.
وأوضــــح التقريــــر أن الأسعار تعافت من انخفاضاتها الحادة بعد اجتماع منظمة الأوپيك وحلفائها في بداية شهر يونيو، والذي رفع من مخاوف السوق حول أثر قرار المجموعة بإلغاء تخفيضات الإنتاج الطوعية لعام 2024 بدءا من أكتوبر 2024 حتى عام 2025 وما لذلك من تبعات ستزيد من إمدادات السوق، مما قد يؤدي لوجود فائض كبير.
إلا أنه بنهاية يونيو، عادت المخاطر الجيوسياسية لتظهر مجددا في ظل اشتعال التوترات بين إسرائيل ولبنان، بينما واصل الحوثيون في اليمن هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر. وأنهى خام التصدير الكويتي تداولات شهر يونيو مرتفعا بنسبة 4.8% على أساس شهري، وصولا إلى 87.9 دولارا للبرميل (+10.5% منذ بداية العام).
وفي أسواق العقود الآجلة، كان رد فعل المضاربين ومديري الاستثمارات السلبي تجاه قرار منظمة الأوپيك بتقليص وتيرة خفض الإمدادات لافتا للنظر، وفي 4 يونيو الماضي، انخفض صافي مراكز المضاربة على خام برنت (الفروق بين عقود الشراء والبيع على المكشوف) إلى 45.7 ألف عقد، ما يعد أدنى المستويات المسجلة منذ أكثر من 10 أعوام.
وأشار التقرير إلى أن ذلك يعزى بصفة رئيسية لتزايد مراكز البيع على المكشوف في ظل إقبال المضاربين على التداول بناء على الاعتقاد بأن زيادة إنتاج المنظمة من شأنه أن يرفع الإمدادات ويضغط سلبا على الأسعار، إلا أنه مع مرور شهر يونيو، انعكس هذا النمط، وشهدنا زيادة صافي المراكز الطويلة مرة أخرى.
ووفقا لتقارير الطاقة الصادرة عن عدد من الجهات الكبرى مثل وكالة الطاقة الدولية ومنظمة الأوپيك، ما زالت توقعات نمو الطلب على النفط في المدى القصير تتسم بالتباين الشديد. فعلى صعيد الطرف الأكثر تحفظا، تتوقع وكالة الطاقة الدولية في تقرير سوق النفط لشهر يونيو، نمو الطلب بمقدار 960 ألف برميل يوميا في 2024، بتعديل هبوطي قدره 100 ألف برميل يوميا مقارنة بتقديراتها الصادرة في الشهر السابق، إذ أشارت الوكالة لضعف شحنات وقود الديزل إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الربع الأول من عام 2024 في ظل استمرار تزايد مخزونات النفط.
وبالنسبة لعام 2025، تقدر الوكالة أن نمو الطلب سيبقى ضعيفا وأقل من المتوسطات التاريخية مرجحة وصوله لمليون برميل يوميا على خلفية ضعف الاقتصاد العالمي نسبيا و«تسارع انتشار تكنولوجيا الطاقة النظيفة».
وفي المقابل، وعلى صعيد الطرف الأكثر تفاؤلا، أبقت منظمة الأوپيك توقعاتها لنمو الطلب دون تغيير عند 2.2 مليون برميل يوميا في عام 2024 و1.8 مليون برميل يوميا لعام 2025. وترى المنظمة أن الاقتصادات غير الأعضـاء بمنظمة التعاون الاقتصــادي والتنميـــة ستكون المحرك الرئيسي للنمو نتيجة زيادة استهلاك وقود الطائرات والمواد الخام لصناعة البتروكيماويات.
كما قامت وكالة الطاقة الدولية في يونيو بإصدار تقرير توقعات سوق النفط على المدى المتوسط (النفط 2024)، والذي تتوقع فيه تباطؤ نمو الطلب العالمي تدريجيا على مدى الستة أعوام المقبلة، من 2.6 مليون برميل يوميا في عام 2022 إلى -0.2 مليون برميل يوميا في عام 2030.
ومن المثير للجدل أن الوكالة تتوقع أن يبلغ الاستهلاك ذروته قبل نهاية العقد الحالي، عند 105.6 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2029، مع تسارع انتشار تقنيات الطاقة النظيفة، إلا أن منظمة الأوپيك وقطاع النفط بصفة عامة، لا يتبنى هذا الرأي.
وذهب الأمين العام للمنظمة إلى الإشارة لرسائل وكالة الطاقة الدولية على أنها «تعليق خطير.. لن يؤدي إلا إلى عدم استقرار قطاع الطاقة على نطاق غير مسبوق». وتتمثل المخاوف الرئيسية في أن الحديث عن الوصول إلى «ذروة الطلب على النفط» من شأنه أن يحد من الاستثمار في الوقود الأحفوري الذي تعتقد المنظمة أنه لا يزال من العناصر الجوهرية خلال الوقت الحالي.
وإضافة لذلك، تقول وكالة الطاقة الدولية إنه مع تباطؤ نمو الطلب وفي ظل تزايد الإمدادات من خارج الأوپيك بوتيرة أقوى (+6 ملايين برميل يوميا إلى 113.8 مليون برميل يوميا بحلول عام 2030)، من المرجح أن يتجاوز العرض المتوافر في سوق النفط في عام 2030 مستويات الطلب، ما سيؤدي إلى فائض كبير بنحو 8 ملايين برميل يوميا.
وفي مايو الماضي، انخفض إنتاج منظمة الأوپيك وحلفائها (الأعضاء المقيدون بحصص الإنتاج) بمقدار 125 ألف برميل يوميا على أساس شهري إلى 34.1 مليون برميل يوميا، وفقا لبيانات مصادر المنظمة الثانوية.
ويعزى هذا الانخفاض إلى تراجع إنتاج كل من روسيا (-119 ألف برميل يوميا) وكازاخستان (-62 ألف برميل يوميا)، وهو الأمر الذي قابله جزئيا زيادة إنتاج نيجيريا (+74 ألف برميل يوميا) في ظل تطلع البلاد إلى زيادة العرض لمصفاة دانغوتي التي دخلت مؤخرا حيز التشغيل بكامل طاقتها الإنتاجية.
وواصلت الكويت إنتاج حصتها المقررة والبالغة 2.41 مليون برميل يوميا، وفقا لمصادر رسمية. وبالاتساق مع جدول الأوپيك وحلفائها، ستتمكن الكويت من تقليص تخفيضات الإمدادات لعام 2024 تدريجيا بدءا من الربع الرابع من 2024، وبمعدل 11 ألف برميل يوميا كل شهر حتى سبتمبر 2025.
أما في الولايات المتحدة فقد ارتفع إنتاج النفط إلى 13.2 مليون برميل يوميا خلال شهر يونيو، بما يتسق مع متوسط الإنتاج السنوي لعام 2024 وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وبالنسبة لعام 2025، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية زيادة الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا إلى 13.7 مليون برميل يوميا، ما يعد من أبطأ معدلات النمو المسجلة خلال عدة سنوات، وبما ينسجم مع اتجاه انخفاض عدد منصات الحفر النفطي، في مؤشر على الإنتاج المستقبلي، إذ انخفض عدد المنصات إلى 479 منصة بنهاية يونيو، مسجلا أدنى مستوياته منذ أواخر 2021.