تطرقت في المقالة الأخيرة إلى ظاهرة الغش والتلاعب من بعض فنيي التكييف والكهرباء والأعطال المنزلية، ولعبهم على وتر طيبة الناس وغفلتهم وجهل بعضهم بأسعار قطع الغيار وتكلفة الإصلاح، وما قد تتعرض له ممتلكاتهم ومقتنياتهم من خطر، وذلك استقراء لحادثات كثيرة في هذا السياق.
وأعتقد أنا ما ذكرته من أسباب كغياب الرقابة وعدم الانضباط وقلة الوعي من بعض أصحاب المنازل، يدعو ضعاف النفوس من الفنيين إلى استمراء الغش وابتداع أساليب جديدة من النصب والاحتيال، لذا، فإني أضيف إلى حلولي السابقة اقتراحا بناء لسد الطريق على هؤلاء ولجمهم بالكلية عن ممارساتهم التي لم تعد تطاق.
فالإضافة إلى ضرورة أن ينضوي إصلاحيو الأعطال المنزلية تحت مظلة إدارية تضبط أخلاقيات هذا المجال المهني وأن يكون للفني هوية تعريفية تضمن معرفته بالمهنة وتحمي من يتعامل معه، وأن تكون هناك قاعدة بيانات للفنيين الموثوقين، تتضمن معلومات عن خبرتهم وسمعتهم وتقييمهم، وأن يكون الناس على وعي كاف، فإني أرى في الاستفادة من الجمعيات التعاونية حلا جذريا لهذه الظاهرة، حيث يمكن للتعاونيات - مشكورة - أن تبادر بهذه المساهمة المجتمعية وفق معايير تجعل من هذه الخدمة مثالية للغاية، ورغم أن خدمة الفني الكهربائي والصحي موجودة في الجمعيات التعاونية إلا أنها تحتاج إلى إعادة هيكلة نظرا لأن التواصل يتم مع الفني مباشرة وله القرار في وضع السعر وثمن قطع التبديل وأخذ هذه التكاليف «كاش» أو عن طريق «رابط».
لذا فمن الأجدى أن تكون البداية من استقدام فنيين مؤهلين ومتمرسين وأكفاء من عدة دول عربية وغيرها، وأن يتم توظيفهم بمعاشات شهرية ثابتة، ثم تدريبهم على أخلاقيات العمل والالتزام بالمعايير المهنية وخصوصيات المجتمع الكويتي، وتنظيم أوقات دوامهم في شيفتات صباحية ومسائية، وبعد ذلك يتم وضع تسعيرات عادلة لخدمات الإصلاح ووضع نسبة ربح معقولة، ثم يقوم الفني بإصلاح الأعطال وتسليم العميل أو المساهم فواتير رسمية لكل عملية إصلاح، تتضمن معلومات عن نوع الخدمة المقدمة وتكلفتها واسم الفني وبيانات المساهم بما في ذلك رقم صندوقه.
بهذه الطريقة سنتخلص من الغش التجاري ووضع تكاليف غير منطقية، ومن وجود عمالة سائبة مؤذية للمجتمع، وسنضع المساهمين وأصحاب المنازل خصوصا كبار السن ومن لا يعرفون طبيعة هذه الأعمال، نضعهم في سياج يحمي مدخراتهم، ويحفظ بيوتهم من أي تصرف أو غش، وسنضمن حصولهم على خدمة موثوقة من جهة معروفة بأسعار عادلة تزيد من مستوى رضاهم عن جمعياتهم، وتعزز ثقتهم بها.
في الختام: ما زلت أؤكد أن ضبط هؤلاء الفنيين وبعد ذلك «أصحاب المهن» و«المعلمين» في أعمال البناء والترميم والتشطيب، كل ذلك سيساعد الجهات المعنية في التخلص من «فوضى» العمالة السائبة، حيث أصبح جزءا كبيرا منهم من «الخدم» و«السائقين» و«الطباخين» الهاربين من كفلائهم إلى سوق المهن اليدوية فيقتحمونه كمجهولين من غير إذن ولا ضوابط.
هذا التنظيم سيقلل مستوى الجريمة، وسيخفف مخالفات الإقامة، وسيزيد الأمن في هذه الدولة الحبيبة التي نسأل الله لها الأمن والأمان.
كلمة أخيرة: سوق العمل الكويتي يعاني نقصا بالعمالة الفنية الماهرة، ويفتقر إلى أعداد كبيرة تضمن انخفاض التكاليف، فقلة الأعداد باتت ذريعة لمن تبقى في هذا البلد لاستغلال حاجة الناس وقلة المعروض من هؤلاء العمالة الذين يفتش عنهم المقاولون يوميا. فليكثر العرض ليقل الطلب وتخف حدة الأسعار الحارقة لجيوب الناس.
[email protected]