على مدار سنوات طويلة تتحدث الحكومات المتعاقبة عن حل مشكلة العمالة السائبة والتي تستجلبها الشركات الوهمية ويمثلون خطرا اجتماعيا واقتصاديا، خصوصا مع وصول أعدادهم إلى أرقام كبيرة ووقوفهم وراء جرائم جديدة على مجتمعنا، ورغم شن الأجهزة الأمنية حملات مستمرة على العمالة المخالفة وترحيل الآلاف منها سنويا وآخرها ترحيل 30 ألف عامل في العام الماضي، إلا أننا لا نشعر بتأثير ذلك، ولم يتم إنهاء الأزمة، بل بالعكس تفاقمت.
وفي الحقيقة ان الإجراءات التي تتخذها الحكومة ضد المخالفين للإقامة والحملات التي تتم بشكل دوري عليهم، وإجراءات الترحيل جزء من حل هذه المشكلة لكن علينا وقف الشركات الوهمية التي تجلب العمالة وتلقي بها في الشوارع، ومن ثم فإن المعالجة الكاملة تكمن في محاسبة أولئك الذين يستقدمون هؤلاء العمال المخالفين للإقامة وأن تكون هناك ضوابط محددة لا يجوز تجاوزها أو خرقها، وأن تسارع الحكومة إلى إنشاء مساكن ومدن خاصة بالعزاب حتى يتم من خلالها معرفة أماكن سكن العمالة والوصول إلى المخالفين منهم.
كما تحتاج أزمة العمالة السائبة والمخالفة لمواجهتها والتخلص منها إلى توفير العدد الكافي من العمالة القانونية المدربة والماهرة لتحل محل العمالة السائبة المخالفة من أجل ضمان عدم حدوث فجوة في سوق الخدمات أو آثار تضخمية في أجور العاملين بها مع ضرورة العمل على معالجة الثغرات القانونية التي تسمح بقيام شركات وهمية تستقدم هذه العمالة وانتشار تجارة الإقامات والاستفادة من تجارب الدول الخليجية الشقيقة في هذا المجال، ومنها التجربة السعودية التي حققت نجاحا ملموسا في التعامل مع العمالة السائبة والتي قدرت بنحو 5 ملايين شخص حيث توجهت أعداد كبيرة من السعوديين للعمل في مختلف قطاعات الخدمات.
وإذا كان الدور الأكبر في حل هذه المشكلة يقع على عاتق الحكومة فإن المواطنين عليهم دور أيضا حيث لا ينبغي عليهم الوثوق في العمالة المخالفة لقوانين البلد وإدخالها إلى بيوتنا حتى لو كان سعرها منخفضا، وذلك لعدة أسباب، منها انتهاك القانون والمخاطر الأمنية، كما أن هناك مسؤولية أخلاقية، فمن الخطأ دعم وتشجيع هذه الممارسات والسكوت عنهم وعدم إبلاغ الجهات المختصة، خصوصا في ظل وجود تطبيق «هويتي» الذي وفرته الهيئة العامة للقوى العاملة لتمكين الأسرة الكويتية من الاطلاع على بيانات العمالة قبل السماح لهم بتنفيذ أي أعمال بهدف الحد من العمالة السائبة.
[email protected]