علي إبراهيم
دعت الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية إلى ضرورة الاستعجال في تمكين القطاع الخاص لقيادة النشاط الاقتصادي المحلي، وأن يتحول الدور الحكومي من جهاز تشغيلي إلى جهاز رقابي مسؤول عن السياسات العامة للدولة.
جاء ذلك في تقرير حول «تطور المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الكويتي خلال الفترة من 2010 - 2024» والذي اظهر أنه على مستوى مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي، وعند تتبع اداء القطاع الخاص حسب نموذج الاقتصاد الكلي لدولة الكويت خلال الأعوام الـ 14 الماضية، يتضح الآتي:
على مستوى الخطط الانمائية المتوسطة الاجل الأولى والثانية والثالثة، تراوحت نسبة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد المحلي بين (23 و38%)، وانه لم يكن اداء القطاع الخاص فعالا في الفترات التي عانى فيها الاقتصاد الكويتي المعتمد على اسعار النفط العالمية، وضعف دور القطاع الخاص في الاقتصاد المحلي، اذ كان من الممكن ان تكون له مساهمة بارزة في تنويع الاقتصاد الكويتي من خلال ادخال قيم مضافة جيدة في الأعوام التي شهد فيها الاقتصاد المحلي عجوزات كبيرة نتيجة انخفاض اسعار النفط العالمية.
وذكر التقرير ان الكويت مقبلة على حزمة من المشاريع التنموية الاستراتيجية تعمل بشكل اساسي على تعزيز دور القطاع الخاص ليكون اكثر نشاطا في الاقتصاد المحلي، ومنها، مشروع المناطق الاقتصادية، ومشروع التوسع في انشاء وتطوير المناطق الحرة في الكويت، ومشروع بناء وتشغيل مجمع للانتاج الاقتصادي للاسماك والربيان باستخدام التقنيات المتطورة.
وأكدت الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية ضرورة الاستعجال في تمكين القطاع الخاص لقيادة النشاط الاقتصادي المحلي، وان يتحول الدور الحكومي من جهاز تشغيلي الى جهاز رقابي مسؤول عن السياسات العامة للدولة، وهو ما تصبو اليه رؤية دولة الكويت 2035.
وجاء في التقرير انه بعد مضي ما يقارب 14 عاما على انطلاق رؤية دولة الكويت 2035، وعلى الرغم من الجهود المبذولة الواسعة من الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية إلا ان جميع المؤشرات تشير الى التالي:
1 - على مستوى الناتج المحلي الاجمالي للكويت، ظهر تحسن طفيف جدا بنسبة 1% في المصروفات العامة للدولة لبند الرواتب والدعوم إذ اصبحت تشكل 79% من الميزانية العامة للدولة بعد ان كانت تستنفد 80%، وفي المقابل مازالت معدلات الانتاجية منخفضة جدا.
2 - لاتزال اسعار النفط العالمية هي المحرك الرئيسي للاقتصاد المحلي إذ تشكل الايرادات النفطية النسبة الأكبر من الايرادات العامة للدولة بـ 88%.
3 - يوجد تحسن طفيف في تنويع الاقتصاد المحلي اذ اصبحت تشكل الايرادات غير النفطية نسبة 12% من اجمالي ايرادات الدولة، بعد ان كانت تشكل نسبة 9%.
4 - على مستوى التركيبة السكانية يشكل المواطنون الكويتيون النسبة الأقل بـ30% مقابل 70% من الأجانب.
5 - على مستوى سوق العمل المحلي لاتزال القوى العاملة الوطنية تشكل نسبة ضئيلة جدا من إجمالي القوى العاملة في القطاع الخاص بـ 5%، في حين ان القطاع الحكومي لا يزال الاكثر جاذبية للقوى العاملة الوطنية، وهذا الامر عكس ما تقتضيه رؤية الكويت التي تصبو الى قيادة القطاع الخاص للنشاط الاقتصادي وتحويل الدور الحكومي من جهاز تشغيلي الى جهاز رقابي مسؤول عن السياسات العامة للدولة.
وأشار تقرير التخطيط الى ان سوق العمل مازال يعاني من اختلالات هيكلية، على الرغم من السياسات الاصلاحية الاقتصادية الجادة التي تتبناها الحكومة لمواجهة تحديات سوق العمل في الفترة الحالية، ومن أهمها: اطلاق «هوية العامل الذكية»، واطلاق «نظام البصمة البيومترية»، بالاضافة الى العديد من الاجراءات الجديدة المشددة لتقنية سوق العمل من العمالة العشوائية، وتسريع خطوات تكويت الوظائف، بالاضافة الى القضاء على الشركات الوهمية وتسريع الانفتاح على بلدان جديدة مصدرة للعمالة الماهرة وتشير البيانات الى الانخفاض العام في معدلات البطالة نتيجة ضمان الدولة الوظائف للمواطنين كافة وخاصة في القطاع العام.
أما على مستوى معدل الانتاجية، فتشير الارقام الى وجود ضعف في معدلات الانتاجية والتي تعرف بالاداء الاقتصادي لكل عامل في الدولة، ويرجع السبب في ذلك الى حجم التحويلات الخارجية للعمالة غير الكويتية الضخمة، ولاتزال الكويت تعاني من اختلال في التركيبة السكانية، إذ يشكل المواطنون الكويتيون النسبة الاقل من إجمالي السكان بـ 30% مقابل 70% من الاجانب.
وعلى مستوى الصادرات والواردات في دولة الكويت، تشير الارقام الى ان انفتاح الاقتصاد الوطني على الخارج واعتماده على الاستيراد بنسبة 90% حدد اتجاه معدلات نمو التضخم المحلي تزامنا مع معدلات نمو التضخم العالمية، وذلك نظرا للتغييرات الجيوسياسية المستمرة التي يشهدها العالم، إذ لعبت دورا مهما في حركة اسواق النفط العالمية وكذلك جانب الطلب المحلي والعرض من السلع والخدمات، بالاضافة الى السياسات النقدية التي اتخذتها البنوك المركزية، الا ان معدلات نمو التضخم المحلي لم ترتفع بصورة كبيرة كما حدث في العديد من دول العالم، وذلك بسبب ما تمتاز به الكويت من شبكة الامان الاجتماعي والدعومات الحكومية التي يتمتع بها المواطنون، إذ ساهمت بشكل واضح في الحد من ارتفاعات معدل التضخم المحلي بالاضافة الى اجراءات حكومية أخرى.
الإنفاق الرأسمالي
ولجهة مستوى الانفاق الرأسمالي، الذي يهدف بشكل اساسي الى توسيع الطاقة الانتاجية وتحقيق النمو الاقتصادي، فقد تم تقديم مشروع الموازنة العامة للسنة المالية (2024/2025) وتضمن ترشيدا في المصروفات الجارية مع زيادة في نسبة النفقات الرأسمالية قدرها 7.7% مقارنة بمشروع الموازنة العامة للسنة المالية (2023/2024)، وبذلك تكون النفقات الرأسمالية قد شكلت نسبة 9.3% من إجمالي المصروفات العامة للدولة للسنة المالية (2024/2025).
وبلغت النفقات الرأسمالية الحقيقية للكويت في الميزانية العامة للسنة المالية (2023/2024) ما يعادل مليارين وبنسبة قدرها 74% من إجمالي ما تم رصده في مشروع الموازنة العامة للدولة بمبلغ 2.2 مليار دينار، ويدل ذلك على عدم التزام الجهات بصرف المتطلبات المالية المخصصة ضمن البرنامج الزمني المخطط لتنفيذ وانجاز المشاريع التنموية خلال هذه السنة.
اما فيما يخص المصروفات الفعلية لخطة التنمية للسنة المالية (2022/2023) والتي بلغت نسبة 56.4% من اعتماد الميزانية بعد التعديل اي بوفورات بنسبة 43.6%، فتشير هذه البيانات الى وجود تأخر واضح في تنفيذ المشاريع التنموية بالكويت عما هو مخطط في برنامجها الزمني، كما تجدر الاشارة الى ان مصروفات وزارة الاشغال العامة في خطة التنمية (2023/2024) تعد الاعلى ضمن اجمالي مصروفات خطة التنمية بنسبة بلغت 67.5%.
وتظهر التحاليل وجود 674 تحديا تعترض الجهات في تنفيذ مشروعاتها التنموية بالخطة السنوية (2023/2024) وكانت النسبة الأكبر منها تحديات ادارية وتبلغ 41% من إجمالي التحديات، اهمها بطء الدورة المستندية للاجراءات التعاقدية في الجهات، وتأخير اجراءات اخذ الموافقات المطلوبة للجهات الرقابية، في حين تلتها التحديات الفنية بنسبة 30% مرتبطة بتأخيرات نتيجة عوائق فنية في المشروع سواء من الجهة أو من المقاول، او وجود عوائق او تأخير في تسليم اي من مراحل المشروع، أو في توريد مستلزمات ضرورية، تلي ذلك التحديات المالية في عدم تخصيص الاعتمادات المالية بنسبة 14%، وفي المقابل فإن التحديات التشريعية هي الاقل حدوثا بنسبة 5%.
وأشار التقرير الى انه تم التغلب على 77% من اجمالي تحديات الخطة السنوية (2023/2024)، وكانت التحديات الرقابية صاحبة اكبر نسبة في ايجاد حلول لها بنسبة 90%، ومن ثم التحديات الادارية بنسبة 75% من اجمالي تكراراتها، وتلتها التحديات الفنية بنسبة 78%، وهو ما يعكس الجهود المبذولة من قبل الامانة العامة للمجلس الاعلى للتخطيط والتنمية، وبلدية الكويت والمجلس البلدي في التنسيق مع الجهات المعنية لتذليل تلك التحديات التي تعترض تنفيذ المشروعات.