ليست الكويت وحدها هي التي واجهت، وما زالت تواجه، تحديات جمة في مصادر الطاقة وسبل تأمينها وتوفيرها ومتابعة صرفها واستهلاكها، ففي بلادنا الحارة تئن محطاتنا خلال فترة الصيف من الأحمال التي تثقل كاهلها، وفي دول الشمال الغربي من الأرض تزداد صرفية الكهرباء والماء الساخن طلبا للدفء في فصل الشتاء، ولأن الحاجة أم الاختراع، فقد اهتدى الإنسان إلى آليات تنظم استخدامه لنعم الله، واستهلاكه للماء والكهرباء وغيرهما، بل إن من حبانا هذه النعم أوجب علينا الحفاظ عليها واستخدامها في حدود المنفعة لا أكثر.
ومع تزايد السكان في العالم، فإن تحديات الطاقة دفعت دول العالم إلى اتباع سياسات ومبادرات تنفيذية وأخرى توعوية تهدف إلى ترشيد استهلاك الكهرباء، ففي أميركا نظمت الولايات المتحدة برنامجا حكوميا بعنوان: «استبدال المصابيح» لتشجيع المواطنين على استبدال المصابيح العادية التقليدية أو ما يصطلح عليها بـ «المصابيح المتوهجة» استبدالها بمصابيح LED الموفرة للطاقة، وذلك بهدف خفض استهلاك الكهرباء وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنازل والشركات، وقد نجح البرنامج في استبدال ملايين المصابيح المتوهجة بمصابيح LED، مما ساهم في خفض استهلاك الكهرباء وتوفير المال للمواطنين والحكومة.
وفي أوروبا كانت هناك مبادرة تحت مسمى «المدن الذكية»، والتي تهدف إلى تحويل المدن الأوروبية لمدن ذكية تستخدم فيها تقنيات المعلومات والاتصالات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة والموارد، وخفض استهلاك الكهرباء وتحسين جودة الحياة في المدن، فحققت نجاحا كبيرا في مدن مثل برشلونة وأمستردام.
وفي القارة الهندية قامت الحكومة بعمل مبادرة «الطاقة الشمسية للجميع» وذلك من خلال توفير الطاقة الشمسية والنظيفة للمنازل والشركات في جميع أنحاء البلاد، بأسعار معقولة للجميع المواطنين، وبهدف تعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة، وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فاستفاد من هذه المبادرة أكثر من 30 مليون منزل وشركة، مما ساهم في خفض استهلاك الكهرباء من الشبكة الوطنية وتوفير المال للمواطنين والحكومة.
وليس ببعيد عن الهند، قامت الحكومة الصينية بعمل مبادرة «الطاقة الخضراء» بهدف زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحسين جودة الهواء، مما جعل الصين أكبر مستثمر في العالم في مجال الطاقة المتجددة، وساهم في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحسين جودة الهواء.
ومن هنا أنطلق إلى ضرورة البحث عن بدائل محطات الكهرباء التي ينادي الكثيرون بزيادتها اتساقا مع زيادة عدد السكان في دولتنا الحبيبة، فمن الأجدى ألا تختزل مسألة الكهرباء وهي قضية أمان مجتمعي في زيادة محطات أو متابعة مؤشرات.
ما يجدر بنا أولا هو وقف استيراد الأجهزة الكهربائية ومصابيح الإضاءة، ليحل عوضا عنها أجهزة ضئيلة الصرف مثل مكيفات إنفرتر ومصابيح إل إي دي وغيرها، ومن ثم الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة فنحن دولة تنعم بثروة شمسية لا مثيل لها، كفيلة بالاستغناء إلى حد كبير عن مصادر الطاقة التقليدية.
والجانب الأهم في هذا السياق أن تقوم الدولة مشكورا بتبني برنامج الطاقة البديلة، وذلك من خلال دعم منتجات ألواح الطاقة الشمسية وبطاريات الليثيوم، أو على الأقل إعفاؤها من الجمارك تماما، وتشجيع استخدام هذه الألواح على أسطح السكن الخاص والمؤسسات الحكومية.
وختاما: لا غنى لكل فرد في المجتمع عن اتباع سلوكيات ترشيدية واستخدام الأجهزة الموفرة للطاقة، والمشاركة في مبادرات ترشيد استهلاك الكهرباء التي تطلقها الحكومة، فالترشيد مسؤولية تقع على عاتق الجميع، حكومة ومجتمعا، لحماية بيئتنا وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.