- سيولة الاحتياطي العام انخفضت من 33.6 مليار دينار إلى أقل من 2 مليار بنهاية مارس الماضي
- زيادة نسبة الإيرادات غير النفطية من 4 إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2030
- أسلوب تقييم أداء الموظفين يجب إعادة النظر فيه ليكون أكثر حصافة والنظر في الإنتاجية عملياً
- نريد أن نعيد الكويت إلى النهضة التي كانت تعيشها في «الزمانات».. وتحقيق الاستدامة المالية
- أسيل المنيفي: مسؤوليتنا تتمثل في تعزيز وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال المشاريع التنموية الكبيرة التي من شأنها ان تسهم في تحسين الوضع المالي للدولة
- سعد العلاطي: ندعو لتقديم ميزانيات مدروسة تتماشى مع الإنفاق الفعلي
علي إبراهيم
قال وزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار د.أنور المضف إن الكويت تعاني حاليا من عجز مالي يجب السيطرة عليه من أجل تأمين استدامة مالية للمستقبل، مشيرا إلى أن أولويات وزارة المالية الحالية تأتي على رأسها خفض العجز المالي عبر ترشيد الإنفاق ومعالجة الهدر وزيادة وتنويع مصادر الدخل.
وطالب المضف في كلمته خلال «ملتقى الميزانية العامة الأول 2024» مسؤولي القطاع المالي في الجهات الحكومية بالتعاون بشأن إعداد ميزانية السنة الجديدة 2025/2026، وترشيد الإنفاق الحكومي، مخاطبا ممثلي تلك الجهات قائلا: «أنتم خط الدفاع الأول في قضية ترشيد الإنفاق ومعالجة مواطن الهدر».
وأشار إلى أن على الكويت ان تحقق الاستدامة المالية من خلال ترشيد الإنفاق الحكومي للسيطرة على نمو الميزانية عبر تثبيت الإنفاق عند 24.5 مليار دينار في 2027/ 2028، مبينا أن تنويع مصادر الدخل يأتي من خلال تقليل الاعتماد على عائدات النفط ومضاعفة الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 4 مليارات دينار في 2027/2028.
وأكد أن الدولة تطمح إلى زيادة نسبة الإيرادات غير النفطية في الميزانية العامة من 4 إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2030، موضحا أن نسبة الإيرادات غير النفطية منخفضة جدا مقارنة بدول الخليج، حيث تبلغ 10% في السعودية، و15% في الإمارات.
وكشف المضف عن انخفاض رصيد السيولة في الاحتياطي العام بسبب استمرار تزايد عمليات السحب، مبينا أن سيولة الاحتياطي العام كانت تبلغ 33.6 مليار دينار في مارس 2014، وانخفض رصيد السيولة إلى اقل من 2 مليار دينار في نهاية مارس 2024، وذلك بسبب السحب المستمر لتغطية العجز المالي، موضحا أن الرصيد الكبير للاحتياطي ساعد في تجاوز عجوزات السنوات الـ 4 الماضية، بينما نحن الآن في مفترق طرق ونحتاج إلى اتخاذ قرارات حاسمة لمعالجة هذا الوضع.
وأضاف المضف: كلنا نريد أن نعيد الكويت إلى النهضة التي كانت تعيشها في (الزمانات) وعلى الحكومة أن تحقق الاستدامة المالية من خلال ترشيد الإنفاق والسيطرة على نمو المصروفات في الموازنة وتثبتها عند سقف 24.5 مليار دينار حتى عام 2027-2028، كما يجب العمل على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على عائدات النفط ومضاعفة الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 4 مليارات دينار في العام المالي 2027-2028، من خلال المبادرات الـ 9 التي تقدمت بها وزارة المالية لزيادة الإيرادات غير النفطية.
الرواتب والوظائف
وأضاف ان بند الرواتب في الميزانية العامة في نمو مستمر، حيث شهد زيادة بنسبة 40% خلال السنوات الأخيرة، ليصبح 14.8 مليار دينار في ميزانية 2024، في مقابل 9.9 مليارات دينار في 2015، مشيرا إلى أن السبب الرئيسي في هذه الزيادة يعود إلى زيادة عدد الموظفين تراكميا بنسبة 4% منذ عام 2014، وأن نسبة الرواتب إلى الناتج المحلي تبلغ 30% وهي الأعلى بين دول الخليج، التي تتراوح نسبة الرواتب بها بين 7 و 13%.
وعن التوظيف الحكومي، أوضح أن هناك توظيفا غير منضبط وأسلوب تقييم الأداء الموظفين يجب إعادة النظر فيه، وأن يكون أكثر حصافة، على أن تتم إعادة تقييم إنتاجية الموظفي بشكل عملي، إضافة إلى النمو المستمر وغير المبرر في البدلات يجب ألا يستمر خاصة أن أغلبها انتهت أسباب منحها.
وأكد المضف أن الكويت أكثر دولة في العالم تقديما للدعم، والتي للأسف يستفيد منها من لا يحتاجها، لذا يجب إعادة النظر فيها، مبينا أن النزعة الاستهلاكية في الكويت هي الأعلى بين دول المنطقة، حيث بلغ الإنفاق الاستهلاكي خلال العام الماضي 48 مليار دينار، ويعود بسبب رئيسي إلى الدعوم والرواتب المريحة ونظام التقاعدي الكريم، وهي أمور نعمل على المحافظة عليها ولكن يجب توجيهها.
وبين أن حجم العجز التراكمي بلغ اكثر من 30 مليار دينار منذ السنة المالية 2015/2016 حتى السنة المالية 2023/2024، وأن السيولة المالية المتاحة للصرف على الميزانية محدودة جدا، ما يجب معه أن نعي جميعا أن الميزانية يجب أن يتم تعديلها وتحسينها وأن نقضي على اختلالاتها تدريجيا.
ولفت إلى أن مجلس الوزراء قد كلف وزارة المالية بتقديم تصوراتها حول الإصلاحات المالية والاقتصادية، وموافاة الجهات الحكومية بمواطن الهدر وتحديد إجراءات معالجتها مع تقديم تقرير دوري كل 3 أشهر إلى مجلس الوزراء بشأن الإصلاحات المالية.
وتطرق المضف إلى تعزيز الأداء المالي الحكومي وإدارة المالية العامة لتحسين إعداد الميزانية ومعالجة الهدر عبر التعاون بنسبة 100% من الجهات الحكومية، مشيرا إلى أنه سيتم تكريم الجهات الملتزمة.
الكويت بحاجة إلى قرارات حاسمة
بدورها، قالت وكيلة وزارة المالية أسيل المنيفي ان الكويت امام مفترق طرق وبحاجة إلى قرارات حاسمة وجدية لتصحيح دور ومسار الجهات الحكومية. وأكدت أن البداية لابد أن تكون من خلال ترشيد الإنفاق وتنويع مصادر وتعزيز الوضع المالي للدولة. وأوضحت ان العجز التراكمي للسنوات المقبلة بحاجة لمعالجات استباقية، لافتة إلى ان ارتفاع اسعار النفط ما بين 105 إلى 110 دولارات للبرميل سيترتب عليه تجاوز تلك العجوزات.
وأشارت الى ان انخفاض اسعار النفط يمكن ان يقود نحو المزيد من العجز، اذ ان وزارة المالية معتمدة بشكل اساسي على مبادرة الجهات الحكومية لتحسين الاوضاع من خلال ترشيد الانفاق ومواجهة الهدر في المصاريف، منوهة بأن تحقيق الاهداف المطلوبة يستدعي تحسين عقود المشتريات الحكومية لبلوغ تأثيرات مالية فعلية، وذلك من خلال اعادة هيكلة تلك العقود لتحقيق وفورات مالية، وإعادة تسعير الخدمات الحكومية لاسترداد التكاليف مع مراعاة التأثير على المواطنين وتطوير الأداء المالي لجهات الدولة من خلال تحديد الميزانية المتوسطة الاجل وتطوير الاداء المالي للجهات والتحول إلى ميزانية الاداء وفقا لخطة تقوم على الترشيد.
واستعرضت المنيفي في سياق سردها للخطوات المطلوبة نقاطا رئيسية منها مشاركة البيانات ونقل المعرفة بسرعة وكفاءة عند الحاجة لتحقيق الشفافية والتعاون، تنفيذ التوصيات وفقا لجداول زمنية تعتمد السرعة والدقة، تقديم الاقتراحات لتحسين العمل وتقديم الملاحظات.
وتناولت اسيل في سياق عرضها حزمة من المشاريع المهمة التي ستسهم في تنويع مصادر الدخل للدولة (ليست أحلاما بل بحاجة لجهود منظمة لتحقيقها)، مضيفة: بالإضافة إلى الجهد المبذول في المجال المالي تتمثل مسؤوليتنا في تعزيز وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال المشاريع التنموية الكبيرة التي شأنها ان تسهم في تحسين الوضع المالي للدولة، ومنها تطوير جزيرة فيلكا، ومشروع مجمع الشقايا للطاقة، والمنطقة الاقتصادية الشمالية، ومشاريع الاقتصاد الرقمي، إلى جانب مشروع ميناء مبارك الكبير، والتوسع في الصناعات، منوهة بأن عوامل التمكن في تنفيذ تلك المشاريع تتمثل في الشراكة مع القطاع الخاص وتأمين بيئة الاعمال واستقطاب المواهب والخبرات، على ان يكون للجهات العامة المشاركة دور كبير في تحقيق الأهداف، ومنها الهيئة العامة للاستثمار وهيئة تشجيع الاستثمار المباشر.
وأكدت المنيفي ان «المالية» ستحدد مواطن الهدر وستخاطب الجهات الحكومية لمراجعة الرواتب والبدلات والامتيازات والعقود الخدمية المتنوعة بما فيها عقود النظافة والأمن وغيرها.
تجهيز الميزانية العامة التقديرية
من جانبه، ذكر سعد العلاطي وكيل وزارة المالية لشؤون الميزانية ان الوزارة ستعمل على تجهيز الميزانية العامة التقديرية للعام 2025/2026 بالتعاون مع الجهات الحكومية الاخرى، وتستقبل المقترحات من كل جهة بهذا الشأن في سبتمبر المقبل، على ان يتم رفع مشروع الميزانية لمجلس الوزراء في يناير 2025 ويتم اعتماد وتنفيذ الميزانية بداية السنة المالية في أبريل 2025.
وأشار العلاطي إلى انه تم رصد اختلاف كبير بين الميزانيات المقترح من قبل الجهات الحكومية وفقا للحسابات الختامية للسنوات السابقة. ودعا الجهات الحكومية لتقديم الميزانيات مدروسة تتماشى مع الإنفاق الفعلي في اطار الالتزام، مع مراعاة طرح الاستفسارات والتساؤلات التي يمكن ان تكون للإجابة عليها انعكاسات تواكب الخطة المستهدفة.
تفاصيل عجوزات الـ 26 ملياراً القادمة
استعرض المضف الوضع المالي المستقبلي من خلال عرض مرئي أظهر توقعات ميزانية الدولة بناء على الوضع الراهن، مبينا أن الأربع سنوات المقبلة قد تشهد عجزا تراكميا بأكثر من 26 مليار دينار من السنة المالية 2025/2026 حتى 2028/2029. وتضمن العرض المرئي أن العام المالي المقبل 2025/2026 سيكون العجز المقدر في الميزانية العامة نحو 4.4 مليارات دينار بمصروفات 26.1 مليار دينار وإيرادات عامة 21.8 مليار دينار، فيما سيبلغ متوسط سعر برميل النفط الكويتي 80 دولارا، بينما سيكون سعر التعادل عند مستوى 98 دولارا للبرميل.
تقديرات العجز
أظهر العرض المرئي أن تقديرات ميزانية 2026/2027 سيبلغ فيها العجز المقدر 6.4 مليارات دينار بمصروفات تبلغ 26.8 مليار دينار وإيرادات عند 20.3 مليار دينار، فيما سيبلغ سعر برميل النفط 75 دولارا للبرميل، وسعر التعادل 101 دولار للبرميل. وتابع أنه خلال العام المالي 2027/2028 سيبلغ العجز المقدر 7.2 مليارات دينار بمصروفات تبلغ 27.6 مليار دينار وإيرادات 20.4 مليارا، فيما سيبلغ سعر برميل النفط 75 دولارا وسعر التعادل 105 دولارات، أما في العام المالي 2028/ 2029 فسيبلغ العجز المقدر 8.1 مليارات دينار عند مصروفات تبلغ 28.5 مليارا وإيرادات 20.3 مليار دينار، بينما سيبلغ سعر برميل النفط 75 دولارا وسعر التعادل 109 دولارات.
النطق السامي.. خارطة طريق
استشهد المضف خلال الملتقى بالنطق السامي في خطاب سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، ونصه: «إن مصادر الثروة الوطنية لا يجوز التفريط فيها أو استغلالها بنحو يستنزف مواردها ويعطل مصالح الأمة عن طريق اقتراحات تهدر المال العام ولا تحقق المصلحة العامة وإنما يجب أن تعمل هذه الاقتراحات في خدمة الاقتصاد الوطني».