لعل في تزايد أعداد الأيتام بشكل منفلت، ما يثقل كاهل المجتمع الإنساني، ويعرضه لمضاعفات خطيرة، ويسبب له قدرا من الارتباك اجتماعيا واقتصاديا، بل يكون سببا في التهام مقدراته التنموية، لينعكس سلبا على تقدم كثير من الدول، التي تبحث لنفسها مكانا في الصدارة.
وفي ظل ما يواجه العالم من اتساع لبؤر النزاع الدموي، وما تحصده آلة الحرب من ضحايا بالآلاف، تصبح الأسر التي تفقد عائلها الحلقة الأضعف، حين تذوق منفردة الثمار المرة، وتساق مكرهة للمعاناة، ومن هنا تتأتى المشكلة.
لقد حرص ديننا الحنيف على رعاية الأيتام، وحثت تعاليمه صراحة على قضاء حوائجهم، وأكدت عظيم الأجر لمن يبذل لهم قسطا من الرحمة والاهتمام، لتنبثق من هذه المبادئ الرشيدة جملة من القيم الإسلامية التي اتخذها الناس تباعا دليلا يحدد أساليب التعامل مع هذه الشريحة، ويفرض لها حظا من الكرامة لتعم المجتمع الألفة ويشمله التكافل.
دعونا نقر بأن الأيتام طاقات مهدرة، وملكات تحتاج لمن ينفض عنها الغبار، ويضعها على جادة الطريق، ونظرة متأنية لما تقدمه الجمعيات الخيرية، ينبئك عن حجم الجهد المبذول لهذا القطاع المهم من مؤسسات المجتمع، ولك أن تتخيل صدارة المشاريع النوعية التي تطرحها هذه الجمعيات في هذا السياق الإنساني المهم، والتي أضحت بمرور الوقت، جهدا مساندا لجهود الحكومات والدول في رعاية الأيتام ومنحهم فرصا جديدة للحياة، فقد عكفت مبكرا على إنشاء دور الرعاية المهيأة لهم، التي توفر ظروفا معيشية تحفظ كرامتهم، وتصون آدميتهم، وتحميهم من عدوى الانحراف، بل تقرير البرامج التأهيلية العلمية والمهنية، التي تأخذ بأيديهم ليكونوا ضمن برامج التنمية والإنتاج، وبالتالي تستفيد بهم أوطانهم.
وفي كفــالة الجمعيــات الخيــرية الكـويتية للأيتــام صورها المنــوعة، أدنــاها تخصيص مساعدات مالية وعينية بصفة شهرية، تكون عونا لكثير من الأسر التي ترعى أيتامــا بالكويت، فتعينهم على مواصلة الحياة، لقد تكللت مبادراتها الكبرى لرعاية الأيتام بتسيير حملات الكفالة النوعية، التي خصصتها لأيتام غزة، ضحايا العدوان الذي تعرض له القطاع، وعموم الأراضي العربية المحتلة، وما أحدثه من مآس مروعة، اهتز لها ضمير الشعوب الحرة، وأوجد منذ اندلاع الاعتداء آلافا جديدة من الأيتام هم أحوج للرعاية.
ومن المفاخر مباركة الشعوب المساندة للسلام، ومن ورائها عموم الأمة العربية والإسلامية، لهذه الخطوات المميزة للعمل الخيري والإنساني الكويتي، والتي تلقاها المتبرعون بالترحاب والتضامن، الأمر الذي ضاعف من حصيلة التبرعات ووسع من دائرة الكفالات، وما أحسبني مخطئا إذا قلت، إن المجتمع بخير ما أوسع للأيتام من رحمته، ووهبهم من فضله ونعمته، وجعلهم جزءا أصيلا من اهتمامه وأمانته.