لا يمكن أن أصرف علبة دواء يوميا دون أن أنظر إلى جمال الألوان التي تغطي كل تلك الحبوب والكباسيل التي تستخدم لعلاج مختلف الأمراض، بل أشعر بأن الصيدلية هي لوحة قيمة من لوحات أحد فناني القرن الثامن عشر، وكل رف يحكي قصة نشأة وتطور هذه العلاجات التي تشغل حيزا فنيا وفيزيائيا، حتى لتذكر أن كل واحد منها مر بالكثير من التجارب والاختبارات قبل أن تستقر هنا.
قد تكون سألت نفسك يوما عن اختلاف لون الكبسولة الواحدة، أو قد يحدث أحيانا أن تطيل النظر في إحدى هذه الكباسيل قبل تناولها، بل ان كثيرا من المرضى قد يعجزون عن التعبير لفظيا عن اسم الدواء في أحايين كثيرة! ولكن يستطيع الإشارة إلى العلاج الذي يتناوله عن طريق تذكر اللون المميز الذي يغطي حبة الدواء، فهي تبقي على وفاء المريض مع المنتج الذي يمثل علامة تجارية معينة.
تاريخ الألوان لافت كونها بدأت كنظرية في مفكرات العبقري دافينشي وفي مؤلف نيوتن سنة 1704م وعلى مدى قرون ظل ميدان اللون ساحة للمعارك الفلسفية والعلمية المتأججة.
في العصور القديمة استخدمت الألوان من مصادر نباتية ومعدنية مثل البابريكا والكركم والزعفران لتلوين الأدوية ومستحضرات التجميل، في عام 1856م اكتشف ويليام هنري أول صبغة عضوية صناعية تسمى (البنفسج) وسرعان ما أصبحت تستخدم لتلوين الأطعمة والأدوية ومستحضرات التجميل، نظرا (لأن هذه الأصباغ تم إنتاجها لأول مرة من المنتجات الثانوية لمعالجة الفحم).
بحلول عام 1955م كانت العديد من الأطعمة والأدوية ومستحضرات التجميل متوافرة في الولايات المتحدة ملونة بشكل اصطناعي وكان بعضها يستخدم لإخفاء الأطعمة الحادة.
أما اليوم فعملية اختيار الألوان ليست عملية عشوائية، بل تجري وفق ترتيب ونظام معين، تسعى الشركات العالمية بذلك لأن تخلق نظاما للمستهلك يستطيع من خلاله أن يربط بين ألوان محددة للعقاقير ووظائفها، بينت بعض الدراسات تأثير الألوان على طريقة تفاعل المريض مع حبة الدواء، فمثلا الألوان البرتقالية والصفراء هي الأفضل للأدوية المحفزة، والأقراص الزرقاء والخضراء هي الأفضل للأدوية المهدئة.
كما أن هناك بعض التراكيب الصيدلانية قد تحتاج إلى تلوينها بأغلفة داكنة أو وضعها في عبوات وعلب داكنة لحمايتها من الضوء أو الأشعة تحت الحمراء أو فوق البنفسجية.
حبة الدواء بين الفن والعلاج:
٭ قد يتخذ من تلوين كباسيل الأدوية سبيلا لتحديد هوية العلاج، وهي طريقة تتيح للصيادلة والمرضى التعرف على العلاجات مع كثرتها واختلافها.
٭ تحديد العلامة التجارية، يوفر اللون لمصنع الأدوية طريقا سهلا لتحديد العلامة التجارية في سوق تنافسية للغاية
٭ الوقاية المزيفة، يمكن أن يساعد تطوير ألوان فريدة لدواء معين وتطبيق الطباعة الملونة في تقليل خطر التزوير
٭ إدراك الجودة، يمكن إضافة اللون لزيادة القيمة الجمالية للمنتج. وبالتالي زيادة إدراك الجودة.
[email protected]