في الثاني من أغسطس عام 1990 اجتاح الجيش العراقي الكويت واستباح الحرمات وضرب بعرض الحائط القوانين والأعراف والإسلام والعروبة، فعاث في الأرض فسادا وأحرق الأخضر واليابس وشتت شعبا بأكمله في سابقة خطيرة جدا لم يكن لها شبيه في القرن العشرين، تحت ذرائع واهية بقانون الغاب حيث يأكل القوي الضعيف، وقد عاصرنا الغزو الهمجي، هذا الغزو الذي جثم على صدورنا سبعة أشهر، فكان الله تعالى معنا لأن الباطل لا يغلب الحق والله دائما ينصر المظلوم (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون) [الأنفال: 26].
ونحـــن حامــدون شاكرون وقد نسامح ولكــن من المستحيل أن ننسى، ومن فضل الله فقد حصلنا على إجماع عالمي منــقطع النظيـــر مــن الشرعية الدولية وفـــق ميثاق الأمــم المتحدة بشجب الغزو الهمجي والطلب الواضح بانسحاب الجيش العراقي من الكويت دون قيد أو شرط، ولا ننسى الموقف البطولي لسمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وسمو الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله وسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد والشيخ سعود الناصر، رحمهم الله جميعا، وغيرهم من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
ولا ننسى الشعب الكويتي البطل الذي وقف إلى جانب شرعيته، فتحررت الكويت وعاد الحق إلى أهله، وقد تسامت الكويت فوق جراحها، وبعد مرور أكثر من 30 عاما على الغزو العراقي للكويت فمن الأهمية بمكان أن تُدرس هذه التجربة المريرة للأجيال المتعاقبة لبث الروح الوطنية بين أبنائنا، وليعلم من لم يمر بهذه التجربة كم كان أهل الكويت أوفياء لوطنهم، بكل فئاتهم ومذاهبهم ففي ذلك الزمن لا صوت يعلو على صوت الكويت وحقها، ومن الأهمية بمكان الاصطفاف خلف القيادة التي لم نر منها إلا الخير، وأن نعرف عدونا من صديقنا، مع تقديرنا واحترامنا لكل من وقف معنا وخاصة الدور العظيم للمملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، وأن نكون صفا واحدا في وجه من يريد العبث بأمننا، فالوطن هو الباقي ونحن زائلون، ولا ننسى شهداءنا الأبرار، والأسرى الذين تعرضوا لأشد أنواع العذاب والتنكيل، لقد أراد المقبور صدام حسين طي صفحة الكويت ومحوها من الخارطة بكبرياء وصلف، فطواه الله، ولا بد من أخذ الاحتياطات اللازمة في ضوء ما نراه حولنا من حروب ومآس وأن نستعد لأسوأ الاحتمالات.
نسأل الله أن يحفظ الكويت وأهلها من كل مكروه، ودمتم سالمين.