بيروت - بولين فاضل
مزيج من كل شيء في لبنان اليوم.. حزن ونحيب في مكان، واحتفالية فرح في مكان. انعدام حركة هنا، وازدحام هناك.
ولكن على طول مساحة الوطن وفي عمق أعماق اللبنانيين دعاء وحيد إلى الله لكي يحمي الوطن، وهو دعاء ضمنه المسيحيون احتفالية دينية على مدى يومين بدأت السبت في مقر البطريركية المارونية في بكركي بإعلان تطويب البطريرك إسطفان الدويهي (1630 - 1704)، وتخللها بقداس شكر على التطويب في بلدة إهدن الشمالية مسقط رأس البطريرك الطوباوي، وهو الذي كان البطريرك الـ 57 للموارنة.
والأكيد أن بلدة إهدن، وهي من أبرز مصايف لبنان (ارتفاعها 1500 متر عن سطح البحر) لا تحتاج مناسبات استثنائية لجذب اللبنانيين اليها، إذ هي في الأساس مقصد دائم لطالبي الطبيعة الخلابة والراحة النفسية والضيافة الجميلة والود المحبب من أهلها المشرعة بيوتهم حتى ليلا أمام الزوار، والمعروف عنهم تردادهم عبارتين «خليلي قلبك» و«تفضلوا شرفونا ع فنجان قهوة».
إهدن الممتلئة صيفا بأبنائها الذين يقطن أكثرهم شتاء في مدينة زغرتا المجاورة، تعج أكثر فأكثر بالمغتربين اللبنانيين الذين «وقتوا» مجيئهم إلى لبنان على توقيت حدث التوطيب، هم الباحثون دوما عن مناسبات تشهد مشاركتهم وتكون شاهدة على تمسكهم بالجذور. ولعل هذا ما يفسر مشاركة الآلاف في قداس الشكر الذي ترأسه البطريرك الماروني بشارة الراعي في حضور ممثل عن بابا الفاتيكان فرنسيس وجمع من الفاعليات السياسية والاجتماعية.
وإذا كانت إهدن بمكوناتها الكثيرة من مناخ ومحمية طبيعية وأحراش وأودية (وادي قاديشا المعروف بوادي القديسين) وأزقة وبيوت قرميد وأديرة تاريخية ومطبخ تراثي هي أفضل نموذج للسياحة الريفية والبيئية، فإن تطويب إبن البلدة البطريرك الدويهي سيزخم أكثر السياحة الدينية فيها، علما أن التوصل لاحقا إلى تحديد الموقع الدقيق لمنزل الدويهي وتحويله إلى مقصد متاح أمام الجميع، سيرفدان المنطقة بالمزيد من الزوار في قابل السنوات.
في أي حال، لا يبدو أن التطويب في إهدن سيقتصر على البطريرك الطوباوي، إذ أنشئت قبل نحو سنة بناء على مرسوم صادر عن البطريركية المارونية في بكركي لجنة تدرس إمكان فتح دعوى تطويب يوسف بك كرم(1823 - 1889) الذي كان مقاتلا لبنانيا من أبناء البلدة، وعرف بجمعه بين النضال الوطني والسيرة الإيمانية.