ذهبت إلى مطعم فاخر أثناء تواجدي في قطر لحضور مباريات بطولة كأس العالم الماضية، كان الطعام لذيذا، والاستقبال جميلا، وحضر لي صاحب المطعم، بعد الانتهاء من الأكل، للسلام علينا، وأخذ رأينا في الأطباق التي طلبناها، شكرناه على حفاوة الاستقبال وعلى الاهتمام بأدق التفاصيل، وبعد ذلك طلبت أن ألتقط صورة معه فوافق، ونشرت الصورة في حساباتي على برامج التواصل الاجتماعي، وذكرت أنني أقف إلى جانب صاحب المطعم، ومدحته بكلام مختصر يستحقه.
فوجئت بعد دقائق إذ به يتصل بي ويطلب مني مسح الكلام المكتوب وأن أذكر اسمه فقط خاليا من الألقاب والمدح، وبرر ذلك بأن شركاءه قد يغضبون أو لا يعجبهم أن يتفرد هو بالمديح، وأخبرني بأنه يعاني من غيرتهم المتكررة، وأنه يمر بمشاكل عديدة معهم بسبب حب الناس له.
مدرب لإحدى الألعاب الجماعية، نال العديد من الألقاب، ونقل فريقه من مستوى جيد إلى مستوى أعلى، فوجئ بعد مرور وقت قصير على تحقيقه لإحدى البطولات، باتصال قصير يخبرونه برغبتهم في إنهاء خدماته بالنادي، صُدم من هذا القرار، وأصيب بالإحباط، ولكن كما هو معروف أن النجاح الباهر في الغالب يعقبه حب الظهور، ونيل المديح، والتفرد بالقرارات، من قبل مجموعة لا ترغب بأن يشاركها أحد في النجاح.
مكتب تجاري بدأ من الصفر، لكنه استطاع التميز، فانهالت عليه الأرباح من كل حدب وصوب، وبدأ بالبروز والانتشار، وبعد أن أصبح علامة فارقة في سوق العقار، نشأت بين شركاء النجاح بذور الخلاف، ورغب أحدهم في التفرد بالمكتب وقام بإخراج شركاء النجاح من المعادلة.
نوازع النفس البشرية من حسد وغيرة وتطلع، لا يستطيع الانسان أحيانا التحكم بها، فحب التملك طبيعة، وحب السيطرة فطرة، وحب أن يكون الإنسان في المقدمة وحده رغبة عند الكثيرين.
صاحب المطعم، والمدرب الرياضي، والمكتب التجاري، نماذج بسيطة لشراكات عديدة من حولنا، فوجئ الشركاء أن الهدف ليس بواحد، وأن الرغبة ليست بالديمومة، وأن النجاح الكبير يعقبه تغيرات كبيرة.
[email protected]