بعد طول انتظار، صدر أخيرا فيلم «Deadpool & Wolverine»، والسؤال الذي يريد أن يعرفه أي شخص، هل ارتقى الفيلم إلى مستوى التوقعات؟ لكن تصعب الإجابة عن هذا السؤال بنعم أو لا!
يحمل الفيلم الكثير من الآمال على عاتقه، فمن ناحية هو يحمل إرث «الإكس مين» القديم الذي يمتلك بالفعل قاعدة جماهيرية كبيرة للغاية، ويحاول نقله إلى عالم جديد كليا، إنه بمثابة رسالة وداع، وفي نفس الوقت تمهيد طريق لتقديم المتحولين إلى عالم ضخم بالفعل لديه قاعدة معجبين كبيرة بحد ذاته.
يتمكن «Deadpool & Wolverine» من الحفاظ على إرث «الإكس مين» بشكل عام و«لوغان» بشكل خاص من دون أن يمسه، بل إنه يلقي من خلال وعيه الذاتي الذي تشتهر به السلسلة بتحية إجلال واحترام ومحبة صادقة لتلك الشخصيات المحبوبة، ويشدد على مدى أهمية التضحية التي قام بها «لوغان» في آخر أفلامه بطريقة أثرت على جوهر القصة.
وفي الوقت نفسه يشرح لنا بطريقة «ديدبول» الكوميدية المعتادة التي يخاطب بها الجمهور، كيف اشترت شركة ديزني، شركة فوكس، واستحوذت على كل تلك الشخصيات لتنقلها إلى عالم مارفل السينمائي لشرح سبب كل التناقضات التي قد تظهر ولا تكون منطقية بأسلوب مضحك ورائع (رأينا جميعنا العروض الترويجية التي تستعرض شعار شركة فوكس مدفونا بالتراب) فيستغل حبكة الأكوان المتعددة لدمج هذه العوالم بطريقة لم تكن ممكنة من قبل.
لكن أحد أهم العوامل التي يجب النظر إليها هو: هل نجح الفيلم في تقديم الشريرة الجديدة الشهيرة من القصص المصورة «كساندرا نوفا»؟ للأسف الإجابة هي: ليس بالمستوى المطلوب. فـ«كساندرا» تشتهر بأنها شريرة قوية جدا بالقصص المصورة، وهي توأم «تشالز إكزافيير» الشريرة التي سرقت قواه من الرحم لكن تم رميها على الفور بعيدا (لن نحرق عليكم تفاصيل من الفيلم)، فهي لا تصل بالفيلم إلى نفس مستوى القوة والترهيب كما كان حالها بالقصص المصورة، بالرغم من أن الفيلم يحاول أن يظهرها بأنها شريرة ودكتاتورية ترعب جميع من يعيش في منطقتها، لكنها في الحقيقة لا تعطي هذا الشعور أبدا، بل إنها تبدو ضعيفة ولا تشكل الكثير من التهديد لبطلينا المفضلين، ما قد يشعر العديد من المعجبين المخضرمين بخيبة أمل.
سؤال آخر: هل قدم لنا الفيلم قصة آسرة وقوية تجذب المشاهدين؟ قد تختلف الآراء هنا، لكن أفضل وصف يمكننا قوله هو أنها تبدو سريعة الأحداث جدا، يمكننا أن نسردها خلال 5 دقائق فقط بالرغم من تعقيدها، إلا أنها في نهاية المطاف رحلة طريق كما وصف رايان رينولدز والمخرج شون ليفي الفيلم من قبل، وكما يقال «الحياة بمثابة رحلة، والهدف ليس الوصول إلى النهاية بل الاستمتاع بكل خطوة على الطريق»، ويا لها من رحلة طريق رائعة، تأخذنا في مغامرة مضحكة ومسلية جدا مليئة بالمفاجآت وضيوف الشرف غير المتوقعين على الإطلاق، فالقصة تقدم عمقا يكمن في رسالتها التي تتجاوز مجرد الترفيه، إنها عن الصداقة، وتحتفي بعالم القصص المصورة، وفي نفس الوقت رسالة حب سواء لعالم «إكس مين»، أو الصداقة بين «ديدبول» و«ولفرين»، كما أنها تتمحور حول الخلاص والتضحية، وأننا مهما أخطأنا في الماضي لا يجب أن نستسلم، يمكننا دائما أن نتغير، والأوان لا يفوت على ذلك أبدا.
قد تكون هناك بعض السلبيات بالفيلم، لكن لحسن الحظ الجوانب الإيجابية أقوى بكثير لتجعله فيلما يستحق المشاهدة بكل تأكيد، والانسجام والتفاعل بين رايان رينولدز وهيو جاكمان بدوري «ديدبول» و«وولفرين» على التوالي يستحق بحد ذاته الذهاب إلى السينما لمشاهدة العمل، ويستحقان تقييما عاليا، خاصة بالنسبة لمن يتابعهما على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إن هذين الصديقين اللذين تمتد صداقتهما إلى عشرات السنين دائما ما يتفاعلان بطرق مضحكة للغاية ويجعلان المشاهدين يتوقون لرؤيتهما سوية في فيلم من بطولتهما، وقد حقق لنا «Deadpool & Wolverine» هذه الأمنية.
يستحق أداء هيو جاكمان بحد ذاته الكثير من الإشادة، فهو يقدم لنا نسخا مختلفة جدا من «وولفرين»، حيث يتمتع بشخصية مختلفة، وإن كنا لا نراه معا في شخصية «لوغان» الا للحظات قليلة، فجاكمان يبدع ويتألق في كل لحظة نراه فيها على الشاشة بأداء يستحق عليه الجوائز.
من ناحية أخرى، يقدم رايان رينولدز شخصية «ديدبول» ذي اللسان السليط بنفس الروعة التي اعتدناها، مع أداء كوميدي مضحك للغاية وحس فكاهي في مكانه، فرينولدز عبقري بالكوميديا والأكشن، وهو يبدع بهذا الفيلم سواء من حيث الأداء أو التأليف (هو أحد مؤلفي ومنتجي الفيلم).
هناك أيضا الكثير من شخصيات «ديدبول» المختلفة، كما كانت الحال مع «وولفرين»، بداية من ليدي بول إلى دوغ بول ووصولا إلى كاوبوي بول والمزيد، وهناك مشهد رائع ممتد بلقطة واحدة لشخصيات «ديدبول» كان دمويا ومليئا بالأكشن بقدر ما كان مضحكا ومرحا، وبالرغم من أنه لا يوجد سبب مباشر لحدوثه (ربما فقط من أجل أن نرى الكثير من شخصيات ديدبول المختلفة من القصص المصورة) إلا أنه كان رائعا للغاية.
وفي نفس السياق، كان الفيلم موفقا للغاية باختيار الأغاني الرائعة النابضة بالحياة والمليئة بالإيقاعات الحماسية والتي تم انتقاؤها بعناية شديدة لتناسب ما يحدث على الشاشة، هناك ما مجموعه 18 أغنية نسمعها فيه تضفي الكثير من الحيوية والحماس.
من ناحية أخرى، يركز الفيلم بشكل أكبر على مخاطبة الجمهور مما اعتدنا بالفيلمين السابقين، ربما من أجل توضيح الكثير من الأمور التي قد لا يعرفها العديد من المشاهدين غير المتابعين لما يجري في القطاع، كما انه لم يخفف من مستوى الدموية على الإطلاق، بل إن هناك بعض المشاهد المقززة للغاية بشكل لم نتوقعه من فيلم من ديزني.
والآن نصل إلى الجواب عن سؤالنا الذي طرحناه في البداية: هل ارتقى الفيلم إلى مستوى التوقعات؟ إن كنتم ستذهبون لمشاهدته فقط لأنكم تتوقعون أنه سينقذ عالم مارفل السينمائي بعد سنوات من المشاريع الضعيفة مع توقعات مرتفعة جدا، فقد تصيبكم القصة ببعض من خيبة الأمل، لكن الكوميديا الرائعة التي تشتهر بها أفلام «ديدبول»، وضيوف الشرف المليئين بالمفاجآت غير المتوقعة على الإطلاق، والموسيقى التصويرية، والروابط مع المسلسلات والأفلام والعوالم المختلفة، والأهم من كل ذلك الديناميكية الرائعة بين هيو جاكمان ورايان رينولدز، تجعله يستحق مشاهدة كل ثانية.