بمزيج بين الحداثة والتراث تشهد الإمارات نهضة عمرانية تسابق الخطى من خلال تصاميم ابداعية تعطي صورة مشرقة لمسار تنموي ونجاحات متتالية حولت الدولة إلى نموذج بارز على مستوى التخطيط الحضري إقليميا ودوليا. ويعتبر القطاع العقاري من أكثر القطاعات الاقتصادية حيوية في النهضة العمرانية بالإمارات، لاسيما فيما يتعلق بتشييد مشاريع عقارية فريدة من نوعها تتراوح بين جزر اصطناعية وأبراج شاهقة أحدها برج دبي الأطول من نوعه في العالم.
ويقدر تقرير حديث صادر عن شركة الأبحاث العقارية العالمية (جيه إل إل) القيمة الإجمالية لمشاريع البناء الحالية في الإمارات بنحو 590 مليار دولار ما يعكس طفرة قوية بقطاع البناء والتشييد والتطوير العقاري ويجسد مكانتها مركزا عالميا لأكبر شركات البناء والمقاولات وميدان عمل واسعا وكبيرا لأبرز المطورين العقاريين.
وفي إطار جهود الترويج والحفاظ على عناصر الثقافة وغرسها في وجدان المجتمع أطلقت الإمارات مبادرة التراث المعماري الحديث في الدولة انطلاقا من رؤية القيادة في تعزيز عناصر الهوية الوطنية الإماراتية بما فيها من مكونات متعددة لاسيما الموروث الثقافي.
وتهدف المبادرة إلى تأسيس منظومة متكاملة ورؤية شاملة وطنية تهتم بالتراث المعماري الحديث في الدولة والذي يعود إلى ستينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا.
وتعتبر المعالم المعمارية لهذه الفترة ذات أهمية ومكانة ثقافية كونها تشكل عنصرا من عناصر الهوية الوطنية وجزءا من التراث الثقافي المادي للدولة، كما تجسد قيما ثقافية متعددة كالقيم التاريخية والمعمارية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تسهم بدورها في ترسيخ وتعزيز التلاحم الوطني والتكاتف المجتمعي.
وتتزامن هذه المبادرة مع إنجازات حققتها الإمارات في مسيرتها ورؤيتها للمستقبل، حيث دشنت مؤخرا عددا من الأيقونات المعمارية الفريدة ذات تصاميم فريدة منها مثلا أبراج الاتحاد والبحر وبرج كابيتال جيت المائل وبرج الدار وجسر الشيخ زايد وجامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي وبرج خليفة ومتحف المستقبل وبرج الوصل في دبي ومبنى بلدية الشارقة ومسجد محمد بن سالم القاسمي في رأس الخيمة. ومن الناحية الاقتصادية استهل القطاع العقاري في الإمارات عام 2024 بنمو قوي رسخ مكانته كواحد من أكثر القطاعات استقرارا وجذبا للثروات حول العالم. وتشير التوقعات إلى وصول قيمة سوق العقارات في الإمارات إلى 2.6 تريليون درهم (نحو 707 مليارات دولار) بحلول نهاية عام 2024 وفقا لأحدث البيانات من شركة (ستاتيستا) الألمانية المتخصصة ببيانات الأسواق والمستهلكين.
وتعزو (ستاتيستا) هذا النمو الممتد في سوق العقارات بالإمارات إلى الاهتمام المتزايد من الأفراد ذوي الثروات العالية ولاسيما طلبهم على الاستثمارات العقارية الفاخرة.
ووفق بيانات رسمية صادرة عن دائرة البلديات والنقل في أبوظبي سجلت الإمارة إنجازا ملحوظا في القطاع العقاري، حيث بلغت قيمة التصرفات العقارية خلال الربع الأول من العام الحالي نحو 15.9 مليار درهم (نحو 4.3 مليارات دولار) وتم تنفيذ 5127 معاملة تشمل مبيعات ورهونات على وحدات عقارية متنوعة مما يعكس نشاط السوق وثقة المستثمرين.