في العصر الرقمي الحالي، أصبحت الخصوصية الشخصية موضوعا حساسا ومهما للغاية، ومع تزايد استخدام الهواتف الذكية والتطبيقات المختلفة، أصبح رقم الهاتف الشخصي أحد البيانات الأكثر عرضة للانتهاك من قبل الشركات التجارية وخاصة عندما يتم الطلب من الذين يشترون البضائع رقم الهاتف الخاص بك؟ لضمها إلى الفاتورة؟! طبعا هذا الرقم ذو خصوصية وخاصة عند تسجيل هذه المعلومات فنحن لا نعرف إلى أين تذهب؟ وأين يتم تخزينها؟ وهل هناك رقابة حكومية على هكذا بيانات خاصة في المواطنين والمقيمين؟
على سبيل المثال، إذا تم شراء بضاعة من محل تجاري يتم طلب رقم الهاتف؟ على الرغم من أن القانون الكويتي «لا» يشترط وجود رقم الهاتف على الفاتورة، والتي هي «مستند» يثبت شراء البضاعة، أما مع تداول رقم الهاتف فإن هناك تنوعا لأشكال انتهاك الخصوصية المتعلقة برقم الهاتف الشخصي، وتشمل:
التسويق غير المرغوب فيه، حيث من المحتمل أن تقوم بعض الشركات بجمع أرقام الهواتف واستخدامها لإرسال رسائل تسويقية غير مرغوب فيها، سواء عبر الرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية.
وهناك مسألة بيع البيانات، عندما تقوم بعض الشركات ببيع أرقام الهواتف لشركات أخرى دون موافقة المستخدمين، ما يؤدي إلى تلقيهم مكالمات ورسائل من مصادر غير معروفة.
وهناك الأخطر أمنيا من خلال التتبع والمراقبة، حيث يمكن استخدام رقم الهاتف لتتبع موقع الشخص أو مراقبة نشاطاته عبر الإنترنت، ما يشكل انتهاكا خطيرا للخصوصية.
من هذا كله، علينا أن نعرف أن هناك جهات تبيع وتشتري هكذا بيانات واحصائيات وتبيعها لمن يدفع. المسألة تتواصل كذلك في معظم التطبيقات الحكومية والبنكية ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي الأغلب الأعم فيها مرتبط بوجود رقم الهاتف الشخصي بها، وهنا علينا أن نعرف دقة المسألة على الأمن السيبراني الوطني والذي أصبح مرتبطا بحياة الإنسان وأنشطة الدولة المختلفة.
وكلامنا ليس «تنظيرا هوائيا» بل واقع عالمي، حيث شهدت السنوات الأخيرة العديد من الحالات التي تعرضت فيها شركات كبرى لغرامات بسبب انتهاكها لخصوصية المستخدمين. على سبيل المثال، تعرضت شركة «تيك توك» لغرامة قدرها 345 مليون يورو بسبب فشلها في حماية بيانات الأطفال، كما تعرضت شركة «ميتا» لغرامة قياسية بقيمة 1.2 مليار يورو بسبب نقل البيانات بشكل غير قانوني، لذلك تسعى العديد من الدول إلى حماية خصوصية المستخدمين من خلال سن قوانين وتشريعات صارمة.
في الاتحاد الأوروبي، تم تطبيق اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) التي تفرض غرامات كبيرة على الشركات التي تنتهك خصوصية المستخدمين، في المقابل أصدرت بعض الدول العربية قوانين لحماية البيانات الشخصية، مثل قانون حماية البيانات الشخصية في الدولة المصرية.
لذلك، في واقعنا المحلي الكويتي أتصور أن على الشركات الالتزام بالقوانين والتشريعات المتعلقة بحماية البيانات لضمان حقوق المستخدمين، وهنا يأتي جانب الرقابة المؤسساتية الحكومية ومتابعة الالتزام وضمان الأمن السيبراني للمواطن والمقيم.